مبدأ باريتو: اعمل بذكاء، لا بجهد أكبر

2025

Written by Charlie Fitzgibbon
بقلم Charlie Fitzgibbon، خبير إنشاءات

ماذا ستفعل لو أخبرتك أنك تهدر 80% من وقتك؟

حسناً، ربما يكون ذلك مبالغة، ولكن مبدأ باريتو، المعروف أكثر باسم قاعدة 80/20، يعطينا بعض المؤشرات حول النقاط التي يمكننا تحسين كفاءة إدارة وقتنا من خلالها.

ولكن ما هو هذا المبدأ بالضبط؟ وكيف يمكنك تطبيقه لتعزيز الكفاءة في حياتك اليومية؟

يُغطِّي هذا المقال:

ما هو مبدأ باريتو؟

مبدأ باريتو هو مفهوم يوضِّح أن حوالي 80% من النتائج تنتج عن 20% من أفعالنا. بينما قد لا تكون النسبة 80/20 بالضبط دائمًا، فإن الفكرة الأساسية تظل كما هي: جزء صغير من جهودك غالباً ما يولد الجزء الأكبر من نجاحك.

الجوهر الأساسي لمبدأ باريتو هو أن ليست كل الجهود متساوية. بعض الأفعال لها تأثير كبير بشكل غير متناسب، بينما يساهم البعض الآخر بشكل قليل نسبياً في الناتج الإجمالي.

هذا يعني أنه إذا استطعت تحديد الـ 20% الأساسية من الأنشطة التي تؤدي إلى أكبر النتائج، يمكنك زيادة الكفاءة والفعالية في عملك، ودراستك، وحياتك الشخصية.

نشأة مبدأ باريتو

صدق أو لا تصدق، بدأ مبدأ باريتو في حديقة. في أواخر القرن التاسع عشر، لاحظ الاقتصادي الإيطالي فيلفريدو باريتو شيئًا مثيرًا للاهتمام أثناء الاعتناء بنباتات البازلاء الخاصة به. لاحظ أن حوالي 20% من قرون البازلاء في حديقته أنتجت حوالي 80% من البازلاء.

هذا جعله يفكر: هل يمكن أن ينطبق هذا النمط على أشياء أخرى؟ وسَّع باريتو نظرته لتشمل الاقتصاد واكتشف تشابهًا ملحوظًا – حوالي 80% من أراضي إيطاليا كانت مملوكة لـ 20% فقط من السكان.

مع مرور الوقت، بدأ باحثون آخرون ومتخصصون في مجال الأعمال في ملاحظة هذا النمط في مجالات مختلفة من الحياة والعمل. من المبيعات إلى الرياضة، وتطوير البرمجيات، والتأثير الإعلامي، بدا أن قاعدة 80/20 تنطبق في كل مكان تقريبًا.

قاعدة الـ 80/20

(breeze.pm)

فوائد مبدأ باريتو

إذا كنت شخصًا يشعر بالانشغال المستمر ولكنه لا يكون بالإنتاجية الملحوظة، فإن مبدأ باريتو على وشك أن يصبح أفضل صديق لك. فهمه يمكن أن يساعدك على تحديد الأولويات، وتحسين الكفاءة، وتقليل التوتر. ولكن ما هي الفوائد التي يمكن أن يحققها؟

  • انجز المزيد في وقت أقل: إليك الأمر – ليست كل المهام بنفس الأهمية. إذا كنت مشغولاً دائمًا ولكنك لا تشعر أبدًا أنك تتقدم، فقد يكون ذلك بسبب قضائك الوقت في أشياء لا تُحدِث فرقًا. يساعدك مبدأ باريتو على معرفة ما يُحدِث فرقًا حقًا. من خلال التركيز على 20% من المهام التي تؤدي إلى 80% من نتائجك، يمكنك إنجاز المزيد في وقت أقل.
  • تقليل التوتر والإرهاق: كلنا نعرف هذا الشعور – عندما يكون هناك الكثير من المهام، وتشعر أنك لن تستطيع إنهاءها أبدًا. من خلال تحديد المهام التي تُسبِّب أكبر قدر من الإحباط أو تستنزف طاقتك، يمكنك أن تقرر ما إذا كنت ستتخلص منها، أو تفوضها لغيرك، أو تجد طرقًا لتُسهِّل إنجازها.
  • تحسين اتخاذ القرارات: تساعدك قاعدة 80/20 على اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً حول مواضع استثمار وقتك ومالك وطاقتك. إذا تمكنت من تحديد 20% من الأفعال التي تمنحك أكبر ناتج، يمكنك اتخاذ خيارات تؤدي إلى مكافآت أكبر دون إهدار الموارد على الجهود الأقل فعاليةً.
  • إدارة الوقت: تتبع الوقت هو المفتاح لإطلاق الإمكانات الحقيقية لمبدأ باريتو. جمال إدارة وتسجيل وقتك بفعالية يكمن في أنه يساعدك على تحديد مكان بذل طاقتك وتحديد المهام الأكثر أهميةً. بمجرد أن تعرف أي 20% من مهامك تؤدي إلى 80% من نتائجك، يمكنك تحديد الأولويات من بينها والتخلي عن مُضيِّعات الوقت تلك. لن تفهم هذه الاستنتاجات إلا إذا قمت بتسجيل وتتبع وقتك.

أمثلة عملية على مبدأ باريتو

حسنًا، يبدو مبدأ باريتو رائعًا، ولكن ما فائدته في الحياة الواقعية؟ دعونا نُلقي نظرة على بعض الأمثلة:

#1 التجارة والعمل

إذا كنت تدير عملًا تجاريًا، فمن المحتمل أن نسبة صغيرة من عملائك تُمثِّل الجزء الأكبر من إيراداتك. هذا يعني أنه بدلاً من محاولة تلبية احتياجات كل عميل بالتساوي، فإن التركيز على عملائك الأكثر قيمةً بالنسبة لك يمكن أن يحقق نتائج أفضل بكثير.

من خلال تحديد هؤلاء العملاء ذوي القيمة العالية وتصميم منتجاتك، وخدماتك، واستراتيجيات التسويق الخاصة بك لتلبية احتياجاتهم، فمن المرجح أن تزيد الربحية ورضا العملاء بأقل جهد.

#2 الدراسة

إذا كنت تذاكر لامتحان، فإن التركيز على المواضيع الأكثر تكرارًا في الاختبارات يُمكن أن يمنحك أفضل نتيجة على استثمار وقتك. بدلاً من تشتيت جهودك على جميع المواضيع، فإن تضييق نطاق تركيزك على المفاهيم الأساسية سيزيد من كفاءة تعلمك إلى أقصى حد.

من خلال مراجعة الاختبارات السابقة، وتحديد الأنماط المحتملة، والتركيز على المواضيع الرئيسية، يمكنك ضمان قضاء وقت دراستك على المواضيع الأكثر احتمالاً للمجيء في الاختبار.

#3 الصحة واللياقة البدنية

في الصحة واللياقة البدنية، يمكن لعدد قليل من التمارين الأساسية أن يؤدي إلى تحقيق الجزء الأكبر من أهدافك. حدد أهدافك، سواء كانت زيادة العضلات، أو فقدان الوزن، أو زيادة المرونة، وبدلاً من محاولة القيام بكل تمرين في الصالة الرياضية، ركز على التمارين المناسبة لخطتك.

إذا حاولت يومًا البحث عبر الإنترنت عن كيف تكون بصحة أفضل، فستدرك بسرعة أن هناك عددًا لا حصر له من ‘الخبراء’ الذين يخبرونك عن ‘أفضل’ طريقة. إذا حاولت اتباعهم جميعًا، فلن تصل إلى أي مكان. بدلاً من ذلك، ركِّز على عدد قليل من الأهداف التي تناسب طموحاتك، وستكون لديك فرصة أفضل لتحقيق النتائج.

#4 الإنتاجية وإدارة الوقت

إذا كنت تحاول أن تزيد من إنتاجيتك، فإن تحديد بعض المهام الرئيسية التي تحقق أكبر قدر من التقدم يمكن أن يساعدك في تحقيق نتائج أفضل بجهد أقل. من خلال التعرف على أولويات هذه المهام ذات التأثير العالي وتحديدها، يمكنك تجنب إضاعة الوقت في الأنشطة الأقل أهمية.

يسمح لك هذا النهج بتوجيه طاقتك إلى العمل الذي يهم حقًا، مما يؤدي إلى تحقيق تقدم أسرع وشعور أكبر بالإنجاز.

للمساعدة في تحسين إدارة وقتك، ضع في اعتبارك استخدام تطبيق تتبع الإنتاجية لتسجيل جهودك، وإدارة النتائج.

القائمة تطول وتطول. لكن السؤال الحقيقي هو: كيف يمكنك استخدام هذه المعرفة لتحسين حياتك؟

كتابة على كمبيوتر محمول على مكتب

(unsplash.com)

مرونة مبدأ باريتو

من المهم ملاحظة أن نسبة 80/20 ليست ثابتة – في بعض الأحيان، قد تكون 90/10 أو 70/30. المبدأ يهتم أكثر بإدراك حقيقة أن النتائج غير متناسبة بدلاً من التمسك بأرقام دقيقة.

اعتبره بمثابة دليل إرشادي وليس صيغة صارمة؛ الخلاصة الأساسية هي أن جزءًا صغيرًا من المُدخلات غالبًا ما يؤدي إلى تحقيق تأثير أكبر بكثير على النتائج. الخلاصة ليست حول الأرقام الدقيقة بل حول إدراك عدم وجود توازن في الجهد مقابل النتائج.

كلما أصبحت أكثر وعيًا بهذا المبدأ، كلما كان بإمكانك ضبط تركيزك بشكل أفضل لتحقيق أقصى قدر من النتائج. ستلاحظ أن النِسَب تتغير في مجالات مختلفة من الحياة – قد تلاحظ في بعض المشاريع أن 90% من النتائج تأتي من 10% من الجهود، بينما قد يكون لدى البعض الآخر توزيع أكثر توازناً، 70/30.

هذه المرونة تجعل مبدأ باريتو أداة مفيدة لتعديل الاستراتيجيات بناءً على الملاحظات الواقعية بدلاً من الأنظمة الجامدة.

هل أنت في نطاق الـ 80 بالمائة أم الـ 20 بالمائة؟

لنلقي نظرة على بعض العلامات التي تشير إلى ما إذا كنت في نطاق الـ 80% (منطقة الإنتاجية المنخفضة) مقابل نطاق الـ 20% (منطقة التأثير والتركيز العالي).

أنت في الـ 80 بالمائة أنت في الـ 20 بالمائة
قائمة مهامك لا تنتهي. أنت تركز على الأنشطة التي تناسب نقاط قوتك.
أنت عالق في فعل شيء لا تستمتع به ولست ماهرًا فيه. عملك مشوق ويساهم في نموك الذاتي.
المهام تأخذ وقتًا أطول بكثير من المتوقع. تفوِّض المهام الأقل أولويةً للآخرين بسهولة.
أنت منشغل دائمًا بحل المشكلات الطارئة. أنت تُركِّز على ما يُحقِّق النتائج فعليًا.
تشعر وكأنك هامستر في عجلة دوارة، تتحرك باستمرار ولكن لا تُحرز تقدمًا. لديك متسع من الوقت للتفكير والاسترخاء.
صندوق بريدك ممتلئ برسائل إلكترونية مُصنفة على أنها “عاجلة”، ولكن معظمها يطلب تحديثات صغيرة. لقد خطَّطت يومك حتى تتمكن من أخذ استراحة بعد صباح مليء بالإنتاجية.

مشاهير يؤمنون بمبدأ باريتو

لنلقي نظرة فاحصة على كيفية استخدام بعض كبار القادة لمبدأ باريتو لجعل حياتهم وأعمالهم تسير بشكل أكثر سلاسةً. هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد مشغولين – بل إنهم منتجون للغاية، والسبب في ذلك هو أنهم يعرفون أين يُركِّزون وقتهم وطاقتهم. إليكم طريقة تطبيقهم قاعدة 80/20 لصالحهم:

  • ريتشارد كوش – مؤلف كتاب قاعدة 80/20
    حوّل ريتشارد كوش مبدأ باريتو إلى فلسفة متكاملة تُستخدم في الأعمال والحياة.
    يُطبِّق كوش هذه القاعدة على مشاريعه التجارية من خلال التركيز على عدد قليل من المجالات الرئيسية التي تحقق أكبر عائد على الاستثمار. وينصح بتخصيص الوقت لـ 20% من الأنشطة الأكثر أهميةً والتخلص من الباقي.
  • تيم فيريس – مؤلف كتاب أسبوع العمل المُكوَّن من 4 ساعات
    يُركِّز تيم فيريس على العمل بذكاء، وليس بجهد أكبر. في كتابه “أسبوع العمل المُكوَّن من 4 ساعات”، يشرح بالتفصيل كيفية تحقيق المزيد بأقل جهد. يطبق قاعدة 80/20 من خلال تحديد المهام التي تحقق له أكبر النتائج وإلغاء كل ما تبقى.
  • وارن بافيت – مستثمر استثنائي
    يتبع وارن بافيت، أحد أنجح المستثمرين في العالم، استراتيجية مبنية بشكل أساسي على قاعدة 80/20. فبدلاً من الاستثمار في آلاف الأسهم، يُركِّز على عدد قليل من الاستثمارات ذات التأثير العالي التي يعتقد أنها ستحقق له أكبر عائد. إنه لا يشتت جهوده، بل يُركِّز على الأكثر قيمةً.

إذًا، ما الذي يمكننا تعلمه من أولئك القادة؟

يُركِّز هؤلاء الأشخاص الناجحون على فعل القليل ليُحقِّقوا الكثير. لقد أدركوا أن تخصيص وقتك للأشياء القليلة التي تهم هو مفتاح النجاح الحقيقي. فبدلاً من الانغماس في الأعمال الروتينية، يركزون على ما سيُحدِث أكبر فرق.

كيف تُطبِّق مبدأ باريتو في حياتك

إذًا، هل أنت مستعد للبدء في العمل بذكاء، وليس بجهد أكبر؟ إليك عملية بسيطة من 4 خطوات لتبدأ في استخدام مبدأ باريتو بشكلٍ صحيح. اعتبرها خريطة ترشدك لحياة أكثر تركيزًا وإنتاجية:

  • حدد تحركاتك المؤثرة واكتشف ما يحقق النجاح حقًا.
  • أعطِ الأولوية للأشياء التي تهم حقًا.
  • تخلص من الباقي – فوِّض أو استبعد الأشياء غير الأساسية.
  • استمر في التعديل وإجراء التحسينات أثناء تقدمك.

نصيحة إضافية: ابدأ صغيرًا. ليس عليك تغيير حياتك بأكملها في يومٍ واحد. اختر مجالًا واحدًا – سواء كان العمل، اللياقة البدنية، أو إدارة الوقت – وابدأ بتطبيق مبدأ باريتو. قد تكتشف أنك كلما قللت ما تفعله، زادت إنجازاتك!

أفكار ختامية: هل أنت في نطاق الـ 80% أم الـ 20%؟

الآن بعد أن عرفت المؤشرات، حان الوقت لتسأل نفسك: هل تقضي معظم وقتك في نطاق الـ 80%، وأنت تقوم بمهام تستنزفك ولا تحقق تقدمًا ملحوظًا؟ أم أنك في نطاق الـ 20%، حيث تركز على ما يهم حقًا وتستمتع بنتائج جهودك؟

إذا كان يومك يبدو كسلسلة من الأزمات الصغيرة مع قليل من الوقت للأمور الكبيرة، فقد تكون عالقًا في نطاق الـ 80%. ولكن إذا كان يومك متوافقًا مع نقاط قوتك، ومهامك تمنحك الطاقة، ولديك وقت للتنفس، فتهانينا – أنت في نطاق الـ 20%!

ومع ذلك، فإن مبدأ باريتو ليس مجرد حيلة إنتاجية – إنه تحول في طريقة التفكير. إنه يساعدك على التوقف عن القلق بشأن الأمور الصغيرة والبدء في التركيز على ما يهم حقًا.

يقولون إن معظم طاقة بطارية هاتفك تُستنزف بواسطة عدد قليل من التطبيقات، والدماغ البشري ليس مختلفًا عن ذلك. من خلال تطبيق قاعدة 80/20، يمكنك العمل بذكاء أكبر، و تقليل التوتر، وتحقيق تقدم ذي مغزى نحو أهدافك بأقل جهد. لذا، لماذا تستمر في إضاعة الوقت على نطاق الـ 80% غير المهم؟ ابدأ في تحديد نطاق الـ 20% عالي التأثير لديك وارتقِ بكفاءتك إلى المستوى التالي!