العمالة جزء أساسي من أي مشروع بناء. كما أنها واحدة من أكبر نفقاته.
تتباين أجور عمال البناء في السعودية، ولكن لنفترض أن متوسط أجر العامل في مجال البناء هو 4,000 ريال سعودي. اضرب هذا الرقم في عدد الموظفين لديك وستدفع مئات الريالات في الساعة لتكاليف العمالة.
هذا مبلغ ضخم جدًا. وإن لم تتمكن من إدارة تكاليف العمالة بشكل صحيح — سواء كان ذلك بسبب قلة إمكانيات تتبع الوقت، أو الجدولة غير الفعَّالة، أو ارتفاع معدل ترك العمل — فقد يؤدي ذلك إلى خفض الأرباح ويؤثر على قدرتك في الحفاظ على المنافسة في صناعة البناء. لا يريد أحد ذلك أبدًا.
في هذا الدليل، سنستكشف استراتيجيات ذكية لخفض تكاليف العمالة دون الإضرار بالجودة أو الامتثال. لقد تعلمت بعضها بعد عناء خلال سنواتي الأولى في مجال البناء.
يُغطِّي هذا المقال:
- ما هي تكاليف العمالة في مجال البناء؟
- قوانين العمل الرئيسية الخاصة بمجال البناء والتي تؤثر على تكلفة العمالة
- كيف يمكن خفض تكاليف العمالة في مجال البناء بشكل قانوني؟
ما هي تكاليف العمالة في مجال البناء؟
تكاليف العمالة في مجال البناء تُشير إلى جميع النفقات المتعلقة بالقوى العاملة المشاركة في المشروع. ويشمل ذلك الأجور، وأجور العمل الإضافي، والمزايا مثل التأمين الصحي، والمكافآت المُقدَّمة لكل من عمال المواقع وموظفي الإدارة الذين يُشرِفون على المشروع.
إلى جانب الأجور المباشرة، هناك تكاليف عمالة غير مباشرة يجب أن تأخذها شركات البناء بعين الاعتبار أيضًا. وتشمل هذه الأشياء:
- نفقات التوظيف والتدريب
- ضرائب الرواتب
- تكاليف المعدات مثل السيارات والهواتف الخاصة بالشركة
- التكاليف المرتبطة بالسلامة، وضمان الجودة، وما إلى ذلك
من الضروري أخذ هذه التكاليف غير المباشرة بعين الاعتبار للحصول على صورة كاملة حول نفقات العمالة.
قوانين العمل الرئيسية الخاصة بمجال البناء والتي تؤثر على تكلفة العمالة
ينص قانون العمل السعودي على بعض القوانين التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على تكاليف العمالة الخاصة بك. فهم هذه القوانين لن يساعدك فقط على إدارة نفقاتك بشكل فعَّال ولكن أيضًا يضمن امتثالك للمتطلبات القانونية.
فيما يلي نظرة فاحصة على بعض هذه القوانين الهامة:
- الحد الأدنى للأجور – يحق لعمال البناء الحصول على الحد الأدنى للأجور الذي يحدده نظام العمل السعودي للعمال. ويختلف الحد الأدنى للأجور بناءً على جنسية العامل، حيث يحصل العمال السعوديون على 3,000-4,000 ريال سعودي كحد أدنى، بينما يحصل العمال الأجانب على 2,000 ريال سعودي كحد أدنى.
- العمل الإضافي – وفقًا لنظام العمل السعودي، يجب أن يتقاضى العمال أجر ساعات العمل الإضافية بنسبة تزيد عن 50% إضافية عن أجر العمل العادي.
- تكاليف استقدام العمال – يتحمل أصحاب الأعمال رسوم استقدام العمال غير السعوديين، بالإضافة إلى رسوم إقامتهم، وإصدار رُخَص العمل وتجديدها، وتذاكر عودة العمال لبلدانهم بعد انقضاء العقود.
- نفقات العلاج والتأمين – يتحمل صاحب العمل نفقات علاج العامل عند إصابته بإصابة عمل أو مرض مهني، ويشمل ذلك رسوم الإقامة في المستشفى، والتحاليل، والأشعة، وغيرها. كما يجب على صاحب العمل تحمل نفقات إجراء الفحوص الطبية الدورية على العمال المُعرَّضين لاحتمال الإصابة بالأمراض المهنية، على الأقل مرة سنويًا.
كيف يمكن خفض تكاليف العمالة في البناء بشكل قانوني؟
لا بأس في محاولة خفض تكاليف العمالة، فلا يوجد عمل تجاري لا يسعى لتحسين الكفاءة وزيادة الربحية. ولكن من المهم أن تفعل ذلك بشكل قانوني. فيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية التي يمكن أن تساعدك على البدء بشكلٍ صحيح.
1. إجراء تقديرات أفضل عن التكلفة
يُعد تقدير التكلفة أساس إعداد ميزانية مشروعك.
إذا كانت تقديراتك الأولية غير دقيقة، فقد يؤدي ذلك إمَّا إلى تخصيص موارد زائدة، وهذا يؤدي إلى إهدار الأموال، أو تخصيص موارد غير كافية، وهذا قد يؤدي إلى تأخير المشروع.
الآن، ما لم يكن هذا هو مشروعك الأول، فمن المحتمل أن تكون لديك بالفعل فكرة تقريبية عن تكاليف العمالة الخاصة بك. لتحسين الدقة وتجنب المفاجآت، من المهم اتباع نهج أكثر تفصيلاً:
- استخدم المشاريع السابقة كدليل لك – انظر إلى المشاريع السابقة المشابهة للمشروع الذي تخطط له. يمكن أن يمنحك هذا تقديرًا تقريبيًا لتكاليف العمالة بناءً على تجربتك السابقة.
- اختَر طريقة التقدير الصحيحة – تتطلب المشاريع المختلفة طرق تقدير مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يناسب استخدام طريقة التقدير لكل الوحدة (مثل التكلفة لكل متر مربع) المشاريع الكبيرة، في حين أن الأساليب الأكثر تفصيلاً مثل تقدير العناصر الفردية، والتي تُفصِّل كل النفقات الممكنة، تكون أفضل للمشاريع الصغيرة.
- ضع في اعتبارك تغيرات سوق العمل – تأكد من مراعاة أي تغييرات في تكاليف العمالة، مثل زيادات الأجور أو ارتفاع معدل ترك الموظفين للعمل. سيمنحك التعديل وفقًا لهذه العوامل صورةً أكثر واقعية لنفقات العمالة الخاصة بك.
- ضع في اعتبارك أنواع العقود – يمكن أن يؤثر نوع العقد الذي تختاره أيضًا على تقديراتك للتكلفة. في عقد الوقت والمواد، تقوم بالفوترة بناءً على ساعات العمل الفعلية، بينما يحدد العقد الثابت سعرًا ثابتًا للمشروع. لكل منهما مزاياه وعيوبه، ولكن معرفة النوع الأفضل يمكن أن يساعدك في العمل ضمن حدود الميزانية.
لا تدخر جهدًا في إنشاء تقدير تكلفة دقيق. يساعد تقدير التكلفة الدقيق في منع الإنفاق غير الضروري ويُسهِّل عليك الالتزام بميزانية مشروعك.
2. راجع هيكل فريق مشروعك
يُمكن أن يؤدي عمل الأشخاص المناسبين في المناصب المناسبة في طاقمك إلى توفير الكثير من الوقت والمال.
من المحتمل أن يكون فريقك مزيجًا من العمال المَهَرة والعاديين، لذا من المهم تقييم ما إذا كان الأفراد المناسبون هم من يقودون الفرق.
في بعض الأحيان، قد لا يتفوق العامل الماهر جدًا في وظيفته كمشرف، مما قد يؤدي إلى عدم الكفاءة وزيادة التكاليف. إذا كان العامل يعمل بشكلٍ أفضل في مجاله عن إدارة الآخرين، ففكر في تقديم المزيد من التدريب أو إعادة توظيفه لزيادة إمكاناته.
ستحتاج أيضًا إلى تقييم توزيع أعباء العمل. هل يتم إجهاد العمال لديك بشدة، أم لا تُستخدَم مهاراتهم على أفضل نحو؟
لتحقيق الاستفادة القصوى من قوتك العاملة، فكِّر في تنفيذ برامج تدريب متنوعة. يتيح ذلك للعمال تعلم مهارات جديدة وتولي أدوار مختلفة حسب الحاجة. يمكن لفريق أكثر تنوعًا التكيف مع متطلبات المشروع المتغيرة، مما يقلل من الحاجة إلى توظيف موظفين إضافيين للمهام المتخصصة.
في بعض الحالات، يمكن أن يساعد استخدام العمال متعددي المهارات بدلاً من الاعتماد على العمالة المتخصصة في تبسيط العمليات وخفض التكاليف الإدارية.
3. تابع ساعات عمل العمال بدقة
نظرًا لأن عمال البناء تقريبًا ما يُدفع لهم دائمًا بالساعة، فمن المهم معرفة أين يتم قضاء هذه الساعات.
تستخدم بعض فرق البناء سجلات الدوام اليدوية للقيام بذلك، ولكن إذا كنت ترغب في تبسيط العملية، ففكر في اختيار برنامج تتبع وقت المقاولات. تعمل هذه الأدوات المفيدة على أتمتة تتبع الوقت، لذلك لن تضطر إلى التعامل مع متاعب الإدخالات اليدوية، والتي يمكن أن تتسبب في أخطاء. حتى أن بعض أدوات تتبع الوقت تحتوي على ميزات التعرف على الوجه والتتبع عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتي يمكن أن تكون مفيدة جدًا لتتبع وقت مجال البناء متعدد المواقع.
يوفر الاحتفاظ بسجلات مُفصَّلة لساعات العمل فهمًا أوضح لكيفية استخدام الوقت والموارد. هذا لا يساعد فقط في تتبع تكاليف العمالة الفعلية ولكن يساعد أيضًا في تحديد المجالات التي قد يتم فيها إهدار الوقت أو سوء تخصيصه.
هل تستغرق بعض المهام وقتًا أطول من غيرها؟ هل يسجل بعض الموظفين ساعات عمل إضافية أكثر من اللازم؟
من خلال مراقبة ساعات العمل عن كثب، يمكن للشركات تعديل الجداول الزمنية وأعباء العمل لكي تعمل ضمن الوقت المخصص، وهذا يؤدي في النهاية إلى خفض تكاليف العمالة.
تُسهَّل الدقة في تتبع الوقت أيضًا الامتثال لقوانين العمل ومتطلبات الرواتب، مما يقلل من خطر النزاعات أو العقوبات.
تعرف على المزيد حول كيفية تنفيذ تتبع الوقت بفعالية في مجال البناء.
4. تحسين جدولة القوى العاملة
تخطيط وجدولة المهام بشكل مناسب أمر بالغ الأهمية لإدارة نفقات العمالة وضمان إنجاز المشاريع في الوقت المحدد.
لتبدأ، قم بتقسيم المشروع إلى مهام أصغر يمكن إدارتها. يجب أن يكون لكل مهمة نطاق وخط زمني واضحان، مما يسمح لك بتحديد الأنشطة الأساسية لنجاح المشروع. يساعدك هذا النهج على تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءةً ويقلل من احتمال زيادة إجهاد الموظفين بالعمل الزائد.
من خلال تحليل المهام الحالية، يمكنك أيضًا تحديد الأنشطة غير الأساسية التي يمكن إلغاؤها أو تأجيلها، وهذا يؤدي إلى توفير التكاليف. هذا لا يُبسِّط سير العمل فحسب، بل يقلل أيضًا من وقت التعطل عن العمل، مما يحافظ على استمرار إنتاجية قواك العاملة.
5. حاول تقليل معدل ترك العمل، ولكن لا تحتفظ بالموظفين غير المُنتجين
يمكن أن يكون المعدل المرتفع لترك الموظفين للعمل مكلفًا. هذا صحيح بالنسبة لمعظم الصناعات، بما في ذلك البناء.
وفقًا لدراسة أجراها مركز التقدم الأمريكي، قد تتراوح التكاليف المرتبطة باستبدال العمال من 5.8٪ إلى 213٪ من رواتبهم السنوية. لاحظ أن هذه التكلفة يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على عدة عوامل، بما في ذلك دور الموظف، والصناعة، والمهارات المحددة المطلوبة للوظيفة.
لخفض معدل ترك العمل، تكون إحدى الاستراتيجيات الأكثر فعاليةً هي خلق بيئة عمل داعمة ومجزية أكثر. يمكن أن يساهم تقديم مزايا تنافسية، مثل الإجازات مدفوعة الأجر، والتغطية الصحية، والمكافآت القائمة على الأداء، بشكل كبير في استمرار موظفيك القيِّمين في العمل لديك.
قد تُكلِّفك هذه المزايا تكاليف مبدئية، ولكنها تعد استثمارات طويلة الأجل، حيث يمكنها تعزيز رضا الموظفين وولائهم، مما يؤدي إلى توفير التكاليف على المدى الطويل.
الآن، في حين أن تقليل معدل ترك الموظفين للعمل أمر بالغ الأهمية لخفض تكاليف العمالة، فإن التمسك بالموظفين الذين لا يبذلون قصارى جهدهم يمكن أن يكون مكلفًا بنفس القدر، إن لم يكن أكثر من ذلك. يمكن أن يؤثر بقاء الموظفون غير المنتجين على ديناميكيات الفريق، ويؤخرون جداول المشاريع، ويؤدي إلى تكاليف إضافية، سواء من خلال العمل الإضافي للموظفين الآخرين أو إعادة تنفيذ المهام المُنفَّذة بشكل سيء.
لهذا السبب، من الضروري تقييم قواك العاملة بانتظام. قدِّم للموظفين الذين يعانون فرصًا للتحسين من خلال التدريب، والتواصل الواضح، وتحديد أهداف الأداء المحددة. إذا لم تلاحظ تحسنًا بعد بذل جهود معقولة، فقد حان الوقت لاتخاذ القرار الصعب وتركهم يرحلون. إن التمسك بالموظفين غير المُنتجين على أمل حدوث تغيير يمكن أن يكون أكثر تكلفةً على المدى الطويل.
يعتمد الأمر كله على إيجاد توازن بين الاستثمار في قواك العاملة واتخاذ قرارات استراتيجية لسلامة عملك الشاملة.
الملخص
البناء صناعة شديدة التنافسية. وإنها بالتأكيد لا تُناسب من لا يحملون الشجاعة الكافية. يتطلب النجاح فهمًا جيدًا ليس فقط لعملية البناء ولكن أيضًا لتعقيدات إدارة تكاليف العمالة، والامتثال لللوائح.
نأمل أن تكون هذه الاستراتيجيات قد زودتك برؤى قيِّمة حول تحسين تكاليف العمالة حتى تتمكن من وضع نفسك في وضع أفضل للتغلب على تعقيدات الصناعة وإرساء الأساس للنجاح على المدى الطويل. وشكرا!