في سوق العمل دائم الحركة والتطور، تظل حماية الأجور دائمًا محل نقاش. حيث يجب أن يتم دفع أجور العمال والموظفين مقابل العمل الذي قاموا به، بشكل عادل وفي الوقت المناسب.
وذلك ليس فقط لأنها العدالة الاقتصادية أو ما شابه، ولكن لأن ذلك حق إنساني وحق أساسي. ولذلك، فإن الطرق التقليدية للتحقق من دفع الأجور غير كافية لمنع البعض من الاستغلال، أو التأخر، أو حتى دفع أجر أقل من المفروض دفعه، والتي تتسبب في مخالفة حماية الأجور، أو الاضطرار إلى دفع غرامة حماية الأجور.
ولذلك سنَّت العديد من الدول قانونًا أو نظامًا لـ حماية الأجور، وظهرت تقنيات متقدمة تساعد في ذلك، مثل الأدوات التي تساعد في حماية الأجور بتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي.
توفر تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي طوق نجاة للتخلص نهائيًّا من تعقيدات حماية الأجور. من خلال تحديد هوية العامل أو الموظف بدقة، والتحقق منها لضمان حضورهم الفعلي للعمل، وتسهيل عملية إعداد الراتب، ليتم الدفع في الموعد المحدد.
يمكن لهذه التقنية التقليل بشكل كبير من عدم دقة الأجور، أو التأخر في دفع الرواتب، مما يعزز الامتثال لـ نظام أو برنامج حماية الأجور، ويوفر عليك دفع غرامة حماية الأجور أو حتى مخالفة حماية الأجور. دعنا نتعرف على كيفية حماية الأجور بتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي…
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَعْطُوا الأجيرَ أجْرَه قبْلَ أنْ يَجِفَّ عَرَقُه”.
التعرف على حماية الأجور
تشمل حماية الأجور في معظم القوانين والنظم في الشرق الأوسط عامة، ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة مجموعة من الأحكام المصممة لضمان حصول العمال والموظفين على مستحقاتهم العادلة في الوقت المناسب عن العمل الذي يؤدونه، ومن بين هذه الأحكام ما يلي:
- التسجيل في برنامج حماية الأجور: يحدد قانون أو نظام حماية الأجور واللائحة التنفيذية كيفية التسجيل في حماية الأجور.
- بيانات العاملين: يجب على كل صاحب عمل تسجيل بيانات العاملين لديه وإرفاق بيانات حساباتهم البنكية وغيرها من البيانات والمعلومات التي أقرَّها القانون.
- دفع الأجور: يحدد كل قانون الوكلاء أو البنوك أو الجهات التي يمكن لصاحب العمل التعاقد مع إحداها لتقديم رواتب العاملين في الفترة المحددة لذلك.
دور الذكاء الاصطناعي في حماية الأجور
الذكاء الاصطناعي معروف بقدرته على معالجة كميات ضخمة من البيانات، واتخاذ القرارات الذكية. وعند دمجه مع تقنية التعرف على الوجه يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تقديم العديد من الميزات، منها:
- التعرف على العاملين بدقة: يمكن لتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي تحديد هوية العامل أو الموظف بدقة، مهما كانت الظروف المحيطة، مثل انخفاض الإضاءة.
- تحديد الحيوية: تستطيع تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي تحديد حيوية وجه العامل أو الموظف، مما يساعد في الحد من عمليات تزييف تسجيل الحضور بالصور أو مقاطع الفيديو للموظفين.
- تتبع الحضور: يستطيع برنامج التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي أن يتتبع حضور العاملين، وساعات عملهم تلقائيًّا. مما يحد من الأخطاء ويضمن دقة حساب الأجور.
- تحسين الأمان: من خلال التحقق الفوري من هوية العاملين، ومواعيد حضورهم، يمكن تعزيز الأمان ومنع الوصول إلى سجلات الموظفين، والأماكن الحساسة في المنشأة.
- تسهيل عملية إعداد الرواتب: تساهم تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، في دقة إعداد سجلات الدوام تلقائيًّا، والتأكد من أنها جاهزة في الوقت المحدد لتصديرها لبرنامج الرواتب والحسابات لإنهاء عملية إعداد الراتب في الوقت المحدد.
كشف وكيل وزارة الموارد البشرية السعودية للرقابة وتطوير بيئة العمل سطام الحربي عن أن 700 ألف منشأة تستخدم برنامج “حماية الأجور” كأداة رسمية لدفع أجور أكثر من 9 ملايين عامل شهريًّا. وأضاف “الحربي” أن البرنامج أسهم في الحد ومكافحة التستر التجاري لذا تم اعتماد حماية الأجور كأداة اكتشاف التستر التجاري من خلال مراقبة العمليات المالية بما يضمن أن المنشأة تتعامل مع العاملين بأجور شهرية تكافح ممارسات التستر التجاري– صحيفة سبق الإلكترونية
كيفية عمل تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي
تستخدم تقنية التعرف على الوجه خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل وتحديد الوجه البشري. وتتضمن العملية عادةً عدة خطوات، منها:
- اكتشاف الوجه: يلتقط النظام صورة أو مقطع فيديو، ويكشف عن وجود الوجوه داخل المشهد.
- استخراج الميزات الفريدة: يتم استخراج الميزات الرئيسية في الوجه، مثل المسافة بين العينين، وشكل الأنف، وخط الفك، لإنشاء توقيع معروف وفريد للوجه.
- مطابقة الوجه: تتم مقارنة الميزات الفريدة المستخرجة من قاعدة البيانات للتعريفات الفريدة الخاصة بالوجوه المخزنة للعثور على التطابق.
- التحقق والمصادقة: إذا تم العثور على التطابق، يقوم النظام بالتحقق من هوية الشخص، والمصادقة على حضوره.
تلعب خوارزميات الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًّا في تحسين الدقة والوثوق في أنظمة التعرف على الوجه. وتمكن تقنيات التعلم الآلي هذه الأنظمة من التحسن المستمر من خلال التعلم من البيانات الجديدة، والتكيف مع الظروف المختلفة، مثل تغيرات مستويات الإضاءة، وتعبيرات الوجه، والتقدم في العمر.
استخدامات التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي في حماية الأجور
هناك العديد من الاستخدامات لتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، وذلك للتأكد وضمان حماية الأجور. ومن هذه الاستخدامات ما يلي:
1. أنظمة تتبع الوقت والحضور تلقائيًّا
واحدة من أهم استخدامات تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي في حماية الأجور هي أنظمة تتبع وقت الحضور تلقائيًّا، حيث يجب أن تحل هذه الأنظمة محل الطرق التقليدية، مثل بطاقات الحضور الورقية المثقوبة، وسجلات الدوام الورقية، والتي دائمًا ما تكون عرضة للأخطاء والتلاعب.
الفوائد:
- الدقة: تضمن تقنية التعرف على الوجه أن الشخص الفعلي هو فقط من يمكنه تسجيل الحضور والانصراف، مما يقضي على ظاهرة تسجيل الأصدقاء الحضور بالنيابة عن بعضهم بعضًا.
- السرعة: لم يعد يحتاج العمال والموظفون إلى تسجيل الحضور عن طريق بطاقات الهوية، وكتابة رموز سرية، وبذلك يصبح تسجيل الحضور والانصراف سريعًا للغاية بمجرد إظهار وجوههم أمام كاميرا الجهاز.
- البيانات الفورية: يمكن لأصحاب العمل الوصول إلى بيانات الحضور على الفور، مما يسمح لهم بتحديد المشكلات أو نقص العمالة وحل الأمر سريعًا قبل أن يؤثر على الإنتاج.
2. تتبع العمل عن بُعد
العمل عن بُعد يتزايد، ومع تزايده تزداد صعوبة تحقق أصحاب الأعمال من ساعات عمل الموظفين العاملين عن بُعد. ومن خلال برامج تتبع العمل عن بُعد التي تعمل بتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، يستطيع أصحاب الأعمال التحقق من هويات العاملين عن بُعد، ومراقبة حضورهم خلال ساعات عملهم.
الفوائد:
- التحقق: يضمن أن الشخص الصحيح والمعتمد هو من يسجل الحضور في النظام.
- المرونة: يدعم ترتيبات العمل المرنة مع الحفاظ الدائم على الإشراف.
- الإنتاجية: يساعد أصحاب الأعمال على مراقبة الإنتاجية، والتأكد من التزام العاملين خلال ساعات العمل.
3. التحكم في حق الوصول إلى مكان العمل.
يمكن أن تعزز تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي من أمان مكان العمل. وذلك، مثل المناطق الحساسة التي توجد بها سجلات الدوام، وسجلات الرواتب، والأجهزة الخاصة بالحسابات والموارد البشرية، وغيرها من الأماكن التي يجب تقييد الوصول إليها على الأشخاص المصرح لهم فقط.
الفوائد
- الأمان: يعزز الأمان في مكان العمل من خلال منع الوصول غير المصرح به.
- الامتثال: يحافظ منع الوصول إلى أماكن البيانات الحساسة على الامتثال للقوانين واللوائح الخاصة بحماية الأجور، وكذلك حماية البيانات.
التحديات والمخاوف
بالرغم من أن تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي تقدم فوائد عديدة لحماية الأجور، ولكنها تأتي مع بعض التحديات والمخاوف التي يجب أخذها في الاعتبار والعمل على معالجتها وإيجاد الحلول لها. ومنها:
1. مخاوف الخصوصية
يثير استخدام تقنية التعرف على الوجه المخاوف بشأن انتهاك الخصوصية. قد يشعر الموظفون والعمال بالقلق حيال جمع بيانتهم الحيوية، والتساؤل عن كيفية تخزين تلك البيانات، وأمنها، وكيفية استغلالها.
الحلول:
- الشفافية: يجب على أصحاب الأعمال أو من ينوب عنهم، أن يكونوا شفافين بشأن استخدام برنامج التعرف على الوجه وكيفية حفظ واستغلال البيانات.
- الموافقة: يجب الحصول على موافقة واضحة وصريحة ومستنيرة من الموظفين والعمال قبل بدء العمل بالتقنية.
- التواصل: يجب التواصل الدائم مع الموظفين والعمال، وإثبات أن البيانات محمية من الاختراقات وسوء الاستخدام.
2. التكلفة والتنفيذ
يمكن أن يكون تطبيق تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي مكلفًا، أو يحتاج إلى الكثير من الوقت لتعلم كيفية الاستخدام، وخاصة بالنسبة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. ومع ذلك فإن هناك أنظمة مجانية 100% وسهلة الاستخدام، حتى لمن ليسوا على مستوى تقني عالٍ.
الحلول:
- تحليل التكلفة والفائدة: إجراء تحليل شامل للتكلفة والفوائد، لتحديد الجدوى والعائد المحتمل على الاستثمار.
- القابلية للتطوير: اختيار النظام الذي يقبل التطوير والتخصيص، والتكيف مع احتياجات المنشأة والعاملين.
- اختيار مزود النظام: اختيار مزود موثوق به، ولديه سجل حافل بالتعليقات الإيجابية وتقييمات مرتفعة.
الختام
توفر تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي حلولًا لتحديات حماية الأجور. من خلال ضمان تحديد هوية الموظف أو العامل، وأتمتة تتبع الوقت والحضور، وتبسيط عمليات إعداد الرواتب. ويمكن لهذه التقنية أن تحد من الأخطاء في الأجور، وتعزيز الالتزام بقانون أو برنامج حماية الأجور. ومع ذلك، يتطلب التطبيق الناجح لتقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي مراعاة الخصوصية وأمن البيانات، والتكلفة.