قابل عصر ما بعد الوباء موجة من أوامر العودة إلى المكتب. جاء معظمها من شركات كبيرة مثل بوينج (Boeing) ويو بي إس (UPS)، وجي بي مورغان تشيس (JPMorgan Chase). لم يتم تحقيق هذه الأوامر بدون جدل بالطبع، والمعارضة بشدة.
ولكن في حين تلاشي موجة العودة للمكتب ببطء على مدار العام الماضي، لا تزال العديد من الشركات تحاول النجاح في كيفية جعل موظفيها يعودون بالكامل إلى المكتب، أو على الأقل لجزء من الوقت.
وأنا أتفهم ذلك، فاتجاه العمل عن بعد بشكل كامل لن يناسب احتياجات كل الشركات. كنا محظوظين جدًا في جبِل بأن الانتقال من المكتب إلى العمل عن بعد بنسبة 100٪ سار بشكل جيد للغاية بالنسبة لنا.
أيًا كان النظام الذي تخطط لتحقيقه في شركتك، سواء كان ذلك هجينًا أو عودة كاملة إلى العمل من المكتب، فمن المهم التعامل مع عملية الانتقال بعناية. والخبر السار هو: هناك بعض الطرق للقيام بذلك دون أن تصبح الشخص الأقل شعبيًة في المكتب!
هذا ما سنتحدث عنه في هذه المقالة، إلى جانب الإيجابيات والسلبيات التي تأتي مع هذا القرار. فلنبدأ.
تُغطي هذه المقالة:
- ما هي فوائد العودة للمكتب؟
- ما هي سلبيات العودة للمكتب؟
- أفضل 6 استراتيجيات لتطبيق العودة إلى المكتب بنجاح
- أفكار ختامية
ما هي فوائد العودة للمكتب
قد يجلب العودة للمكتب بعد فترة من العمل عن بُعد عدة إيجابيات للموظفين والشركات. وهذه الفوائد هي ما تحتاج لتسليط الضوء عليه حقًا عند محاولة تشجيع الموظفين على العودة إلى المكتب.
- التوازن بين العمل والحياة: بالنسبة للكثيرين، فإن العودة إلى المكتب تساعد في إنشاء حدود أوضح بين العمل والحياة الشخصية. حيث يمكن أن يُودِّع الموظفين العمل عند مغادرتهم للمكتب، مما يقلل من احتمال جلب الضغط المرتبط بالعمل إلى المنزل. بالإضافة إلى ذلك، تسمح الإعدادات الهجينة بالمرونة في أيام العمل من المنزل، مما يتيح للموظفين فرصة للقيام بالمهام الشخصية جنبًا إلى جنب مع التزامات العمل دون حكم.
-
الاعتراف بجهود الموظفين بشكلٍ أفضل: يمكن أن يؤدي التواجد الفعلِّي في المكتب إلى زيادة الظهور. تُظهر الأبحاث أن غالبية كبيرة من القادة (96٪) يعترفون بمساهمات الموظفين الذين يعملون في الموقع بشكل أسرع من أولئك الذين يعملون عن بُعد. يمكن أن يؤدي هذا التفاعل وجهًا لوجه بشكلٍ أكبر إلى فرص أفضل للتنمية الوظيفية، حيث سيتمكن القادة من ملاحظة العمل الجاد والإنجازات والاعتراف بها بشكلٍ أكبر.
-
فرص التوجيه المحسّنة: بالنسبة للموظفين الشباب وأولئك الذين في بداية حياتهم المهنية، فإن العودة إلى المكتب توفر إمكانية أكبر للتوجيه والتدريب العملي. التواجد في نفس المكان المادي مع الزملاء ذوي الخبرة يتيح فرصًا أكبر للتعلم والتوجيه الفوري.
-
التعاون العفوي: بالإضافة إلى فرص التوجيه المحسّنة، فإن التواجد المادي في المكتب يعني أيضًا أن الموظفين لديهم فرص أكبر للاتصالات والتفاعلات العفوية. يمكن أن تؤدي هذه اللحظات غير المخطط لها – سواء كانت دردشة سريعًة بجوار آلة صنع القهوة أو جلسة عصف ذهني في الممر – إلى أفكار جديدة، وحل المشكلات بشكل أسرع، وبناء علاقات عمل أقوى. تساهم هذه التفاعلات في الشعور بالانضمام إلى مجتمع والانتماء الذي قد يكون من الصعب محاكاته في بيئة العمل عن بُعد.
-
الوصول إلى الموارد: إن التواجد الفعلي في المكتب يمنح الموظفين وصولاً فوريًا إلى الأدوات، والمعدات، والدعم اللازم. وعندما يكون لديك ما تحتاجه على مقربة منك، من المرجح أن تُسرِّع من عمليات العمل، وتُقلِّل من الكثير من أوقات التعطل عن العمل الغير الضرورية.
سلبيات العودة للمكتب
مثلما توجد فوائد للعودة للمكتب، له سلبياته أيضًا. وهنالك السلبيات الرئيسية التي عليك أن تعالجها إذا كنت تأمل في عودة موظفيك للمكتب:
-
المتاعب المرتبطة بالتنقل: قد تكون إحدى أكبر العيوب في عودة الموظفين إلى المكتب هي التنقل اليومي. قد يجد الموظفون الذين استمتعوا براحة العمل من المنزل صعوبًة في العودة إلى التنقلات الطويلة، أو التعرض للازدحام المروري، أو الاعتماد على وسائل النقل العام.
-
انخفاض القدرة على المرونة: أحضَر العمل عن بعد مستوى من المرونة يصعب تكراره في بيئة المكتب التقليدية. العودة إلى المكتب غالبًا ما تعني خفض الاستقلالية في جداول العمل والوقت الشخصي. وهذا ليس شيئًا لن يحبه العديد من الموظفين.
-
قلَّة التركيز – يمكن أن تُعطِّل المحادثات، والاجتماعات الفجائية، والتفاعلات غير الرسمية، على الرغم من فوائدها للعمل الجماعي، وقت تركيز الموظف.
هناك عدة أشياء التي يمكنك القيام بها لمعالجة هذه العيوب. يمكنك التفكير في تنفيذ أوقات مرنة للوصول والمغادرة، وهذا سيساعد الموظفين على تجنب الازدحام المروري في أوقات الذروة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تقديم بدلات التنقل أو تنظيم خدمات حافلات الذهاب والعودة لأولئك الذين ليس لديهم سيارات في تخفيف بعض الضغوط المالية واللوجستية التي تأتي مع التنقل.
سيساعد إعداد العمل الهجين أيضًا في تحقيق توازن بين عودة الموظفين للمكتب مع منحهم بعض المرونة التي اعتادوا عليها.
أفضل 6 استراتيجيات لتطبيق العودة إلى المكتب بنجاح
يمكن أن يكون تنفيذ سياسة العودة للمكتب تحديًا كبيرًا، ولكن يمكن القيام به. ليس ذلك من خلال التهديدات المُبطَّنة والإكراه، ولكن من خلال التعامل مع الانتقال بشفافية والتركيز على الفوائد المتبادَلة. إليك استراتيجيات يمكن أن تساعدك في البدء في الاتجاه الصحيح:
1. أشرِك الموظفين في القرار
عندما يشعر الموظفون بالتقدير والاستماع لآرائهم، فإنهم غالبًا ما سيوافقون على التغييرات، بما في ذلك الانتقال إلى العمل من المكتب.
ابدأ بمشاركة فريقك عبر الاستبيانات أو الاجتماعات الفردية لمعرفة أفكارهم ومخاوفهم بشأن العودة إلى المكتب. اسألهم عن التحديات التي يتوقعونها وما الذي يمكن أن يجعل الانتقال أكثر سلاسًة. لا يمنحك هذا النهج رؤى قيمة فحسب، بل يُظهِر أيضًا للموظفين أهمية آرائهم.
2. خَطِّط لانتقال تدريجي للعودة إلى المكتب
لتسهيل عملية العودة إلى المكتب، ضع في اعتبارك الاتزام بنهج تدريجي. بدلاً من مطالبة الجميع بالعودة بدوام كامل على الفور، ابدأ ببضعة أيام في الأسبوع حتى لا يشعروا بضغط كبير بسبب التغيير.
يمكنك تنفيذ نموذج هجين حيث يأتي الموظفون في أيام الأساسية ويعملون عن بُعد في الأيام الأخرى. يتيح هذا الانتقال التدريجي للموظفين التأقلم مع بيئة المكتب مع الاستفادة أيضًا من مرونة العمل عن بُعد. يتيح لك الانتقال التدريجي أيضًا مراقبة مدى نجاح عملية التحول وإجراء التعديلات حسب الحاجة.
ومع تكيف الموظفين، يمكنك زيادة عدد أيام العمل من المكتب ببطء بناءً على ملاحظاتهم والاحتياجات العامة للشركة.
3. انشئ طقوسًا جديدة للعمل وجهًا لوجه
وضَّح مقال كريس كابوسيلا لهارفرد بيزنس ريفيو الأمر على أفضل نحو، حيث ذكر أن: “قيمة المكتب تكمن في الناس، وليست في المكان“.
أحد أكثر الأسباب المقنعة للعودة إلى المكتب هو كونها فرصة لإعادة التواصل مع الزملاء. في الواقع، يُقدِّر الناس علاقاتهم والتفاعلات الاجتماعية التي لديهم مع زملاء العمل. لجعل العودة إلى المكتب تبدو جذابة ومفيدة، يمكن أن يلعب إنشاء طقوس جديدة في الموقع دورًا رئيسيًا في ذلك.
ابدأ بتقديم أنشطة اجتماعية منتظمة تمنح الموظفين فرصة لبناء علاقاتهم وتقويتها. على سبيل المثال، يمكنك تنظيم غداءات أسبوعية للفريق، أو استراحات لتناول القهوة، أو جلسات عصف ذهني غير رسمية. توفر هذه التجمعات بيئة مريحة للموظفين للتفاعل والتعرف على الآخرين، مما يساعد على إعادة بناء الروابط بين الفريق وتعزيز الشعور بالانتماء.
من المهم أيضًا الاحتفال بالإنجازات والمحطات المهمة معًا. يمكن أن يؤدي الاعتراف بنجاحات الفريق أو المساهمات الفردية من خلال احتفالات صغيرة في المكتب إلى رفع المعنويات وتعزيز الشعور بالانتماء.
من خلال إنشاء هذه الطقوس الجديدة للعمل وجهًا لوجه، يمكنك تحويل المكتب إلى شيء يستمتع الموظفون بالعودة إليه. ولن يكون الأمر بمثابة إنجاز صعب عندما تطرح سياسة العودة للمكتب هذه.
4. اجعل مساحة مكتبك مكانًا للإنتاجية والتعاون
أنت تتنافس مع راحة المنزل، ولا يوجد شيء يمكن أن يتفوق على ذلك حقًا. ولكن توجد طرق لجعل المكتب مكانًا أكثر جاذبية ونشاطًا للعمل.
المرونة هي المفتاح حتى في مساحات المكاتب. قم بتطبيق تصميمات المساحات المفتوحة في المناطق المخصصة للعمل الجماعي، والعصف الذهني، والتفاعلات الاجتماعية. حاول أن تجعلها تبدو أكثر جاذبية وأقل رسمية من غرف الاجتماعات التقليدية. ضع في اعتبارك إضافة أثاث متحرك وألواح بيضاء تسمح بالمرونة في طريقة اجتماع المجموعات.
هذه المساحات التعاونية تُشجِّع التواصل ومشاركة الأفكار، وهذا يحفز شعورًا بالانتماء لمجتمع بين أعضاء الفريق.
بالإضافة إلى ذلك، تأكد من وجود مناطق هادئة حيث يتمكن الموظفين من التركيز على المهام دون تشتيت الانتباه. يمكن أن يساعد توفير كابينات عازلة للصوت أو غرف هادئة مخصصة الأفراد على التركيز وإكمال العمل بشكل أكثر كفاءة.
5. استخدم التكنولوجيا لإدارة الانتقال للعمل من المكتب
هناك الكثير من الأدوات البرمجية التي يمكن أن تساعدك أثناء انتقالك للعودة للمكتب. أحد الأدوات الرئيسية هو تطبيقات الحضور.
باستخدام تطبيق الحضور، يمكنك تتبع وصول الموظفين إلى المكتب ومغادرتهم بسهولة، وهذا يضمن التزام الجميع بأيام المكتب المُجدوَلة. ضع في اعتبارك استخدام تطبيق حضور مع تقنية التعرف على الوجه لتتمكن من التحقق من أن وصول الأشخاص المُصرَّح لهم فقط إلى المكتب.
السياج الجغرافي هو أيضًا ميزة لتطبيق الحضور والتي تستحق فحصها؛ إنه يتيح لك تحديد حدود افتراضية حول مساحة مكتبك، مما يضمن تسجيل الوقت فقط عند تواجد الموظفين فعليًا داخل المنطقة المحددة.
بالإضافة إلى برنامج تتبع الحضور، ضع في اعتبارك استخدام أدوات التعاون للحفاظ على استمرارية التواصل. تتيح منصات مثل سلاك (Slack) أو مايكروسوفت تيمز (Microsoft Teams) للفرق البقاء على اتصال، ومشاركة التحديثات، والتعاون في المشاريع في الوقت الحقيقي، بغض النظر عن موقعهم الفعلي. يساعد ذلك في الحفاظ على الإنتاجية والمشاركة، حتى أثناء انتقال الموظفين إلى المكتب.
6. انظر في الحوافز
“المديرون الذين يطالبون موظفيهم بالعمل من المكتب دون منحهم حوافز على ذلك سيكون لديهم صعوبة في الاحتفاظ بهم.” – دان دروجمان، فوربس (Forbes)
من لا يحب الحوافز، أليس كذلك؟ عند تشجيع الموظفين على العودة إلى المكتب، يمكن أن يحدث تقديم الحوافز فرقًا كبيرًا.
ابدأ بالنظر في الحوافز التي ستحدث أكبر تأثير على فريقك. يمكن أن يكون ذلك أي شيء من ساعات العمل المرنة، والوقت الإضافي المدفوع، إلى المكافآت المالية لأولئك الذين يحضرون بانتظام في المكتب. حتى أن المزايا الصغيرة، مثل بطاقات الهدايا أو هدايا الشركة، يمكن أن تُظهر التقدير وتشجع الحضور.
يمكن أن يكون إنشاء بيئة عمل أكثر متعًة أيضًا بمثابة حافز. فكِّر في تقديم وجبات خفيفة مجانية، أو قهوة، أو برامج العافية لتحسين تجربة مكان العمل. كما يمكنك حتى ترتيب أحداث اجتماعية منتظمة أو أيام ذات طابع خاص، مثل أيام الجمعة غير الرسمية أو غداءات الفريق.
يمكن أن يؤدي القليل من الدافع الإضافي إلى جعل الموظفين يشعرون بالتقدير والحماس الفعلي للعودة للمكتب.
أفكار ختامية
قد لا تكون سياسة العودة للمكتب هي القرار الأكثر قبولًا بين الموظفين. يتطلب الأمر تفكيرًا جادًا وتخطيطًا دقيقًا لضمان الانتقال السلس.
إن فهم مخاوف الموظفين ومعالجتها استباقيًا هو الحل. من خلال التواصل بوضوح، وتقديم الحوافز، وإنشاء بيئة عمل إيجابية، يمكنك تسهيل عملية الانتقال ومساعدة الموظفين على التكيف بسهولة أكبر.
آمل أن تساعدك هذه النصائح في النجاح في عملية العودة إلى المكتب. تذكر أن الهدف هو إنشاء مكان يرغب الموظفون بالفعل في العودة إليه، مكان يمكنهم فيه التعاون، ومشاركة الأفكار، والشعور بالتقدير.