الذكاء الاصطناعي سيغير طرق مراقبة الموظفين

Written by عاصم قريشي
بقلم عاصم قريشي، الرئيس التنفيذي لشركة جِبل

مرحبًا، أنا عاصم قريشي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لـ جِبل. قبل أن أصبح رائد أعمال، كنت مصرفيا استثماريا، تركت منصبي كنائب رئيس مورجان ستانلي، وأصبحت نائب رئيس بنك كريدي سويس.

أنا حاصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء ولدي اهتمام كبير بمجال الذكاء الاصطناعي، وأنا أب لثلاث أطفال يدرسون من المنزل. في هذا المقال، أود أن أشرح كيف أن الذكاء الاصطناعي سيغير طرق مراقبة الموظفين وكيفية تفاعل المنشآت معهم.

في هذا المقال

الذكاء الاصطناعي سيغير طرق مراقبة الموظفين

أثرت جائحة كوفيد-۱۹ بشكل كبير على أسلوب عملنا، مما أدى إلى طفرة غير مسبوقة في العمل عن بعد. وزيادة عدد الموظفين العاملين من المنازل أكثر من أي وقت مضى. وأصبحت أهمية المراقبة الفعلية والفعالة أكثر إلحاحا من أي وقت سابق.

وأظهرت التحديات الجوهرية في الإشراف على القوى العاملة المتفرقة حجم القيود التي تعاني منها أساليب الإدارة التقليدية، ونتيجةً لذلك، لجأت المنشآت بشكل متزايد إلى برامج تسجيل الوقت لاستكشاف عالم العمل عن بعد الجديد عليهم.

حيث أن الإمكانيات الفريدة للذكاء الاصطناعي حسنت من مراقبة أداء الموظفين وجعلته أكثر ذكاءً، لقد أصبحت أداةً ضروريةً في هذا الواقع العملي الجديد.

“قبل الجائحة، كان نحو ۳۰% من أكبر أصحاب الأعمال يستخدمون أشكالًا مختلفةً من مراقبة الموظفين، والآن يستخدم ٦۰% من أكبر أصحاب الأعمال هذه التقنيات لتتبع بعض موظفيهم على الأقل.” – وول ستريت جورنال

ظهور الذكاء الاصطناعي أحدث تغييرات كبيرة في مختلف جوانب الحياة، ومكان العمل ليس استثناءً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورةً في كيفية إدارة ومراقبة أداء الموظفين. ورغم أن هذه التغييرات تجلب العديد من الفوائد، إلا أنها تثير أيضًا أسئلةً مهمةً حول الخصوصية والثقة والاستخدام الأخلاقي.

اقرأ أيضا العمل عن بعد في المملكة العربية السعودية: الاتجاهات والنصائح

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة وتحسين مراقبة الموظفين؟

إحدى الميزات الواضحة للذكاء الاصطناعي هي قدرته على أتمتة العديد من جوانب مراقبة الموظفين. المهام التي كانت تتطلب في السابق تدخلا بشريا، مثل: مراقبة استخدام الكمبيوتر، وتصفح الإنترنت، وسجلات الاتصالات، يمكن الآن أن تتم بسلاسة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

حيث تشير شركة الاستشارات التجارية للأداء “توليجو”، إلى زيادة في شعبية برامج الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين، خاصةً أولئك الذين يعملون من المنزل. من خلال استخدام تقنيات المراقبة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للمنشآت جمع مجموعة ضخمة من البيانات عن سلوك الموظفين أثناء ساعات العمل. يمكن أن تقدم هذه الثروة من البيانات أفكارًا لا تقدر بثمن، مما يساعد المنشآت على اكتشاف أنماط قد تشير إلى مشكلات محتملة.

“مبيعات برامج المراقبة في ازدياد… والدور البارز الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي الآن في مراقبة الموظفين يضع هذه الصناعة في وسط جدل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي”. – توليجو

اقرأ أيضا أفضل التقنيات والتطبيقات لمكتبك المنزلي

كيف يتعرف الذكاء الاصطناعي على السلوكيات غير الاعتيادية ويقلل من المخاطر في مكان العمل؟

قيمة الذكاء الاصطناعي تتجاوز مهمة جمع البيانات البسيطة. يمكن للخوارزميات المتطورة للذكاء الاصطناعي دراسة البيانات المجمعة، وتحليل أنماط سلوك الموظفين، واكتشاف الأنشطة غير الاعتيادية. على سبيل المثال، يمكن لهذه الخوارزميات تحديد التهديدات الأمنية المحتملة، والانتهاكات لسياسات المنشأة، أو حتى الأفعال المشبوهة مثل الوصول غير المصرح به، أو تسريب البيانات.

“أكثر ما يميز الذكاء الاصطناعي هو قدرته على التعلم والتكيف… في سياق مراقبة القوى العاملة، يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تعلم تركيبة السلوك الطبيعي لكل موظف وما يمكن أن يشكل خطرًا… ومن خلال تحليل هذه البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديم تحذير مبكر عن المخاطر المحتملة، مما يتيح للإدارة معالجة المشكلة قبل أن تكبر.” – أندريه كوبتيلوف، نحو علم البيانات.

التعرف المبكر على مثل هذه المخاطر يسمح للمنشآت باتخاذ إجراءات استباقية للحد من الضرر المحتمل. وذلك من خلال التعامل السريع مع هذه الحالات الشاذة، يمكن للمنشآت أيضًا تحسين وضعها الأمني وحماية أصولها القيمة.

اقرأ أيضا الدليل الشامل لإدارة إجازة الموظفين

كيف يعزز الذكاء الاصطناعي الكفاءة ويحسن من سير العمل؟

“من الرائع أن يكون الناس أكثر حماسًا بشأن الذكاء الاصطناعي في إنقاذهم من الإرهاق بدلًا من أن يكونوا قلقين من أنه سيؤدي إلى القضاء على وظائفهم.” – آدم غرانت، مؤلف وأستاذ في علم النفس التنظيمي

يمكن للتعلم الآلي والذي هو جزء من الذكاء الاصطناعي، أن يتعمق في إنتاجية الموظفين. من خلال دراسة الوقت الذي يستغرقه الموظفون في مهام مختلفة أو مشاريع، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد مجالات عدم الفعالية والكفاءة واقتراح تحسينات.

يمكن أن تسفر هذه النوعية من تحليل البيانات عن معلومات قيمة يمكن استخدامها لأغراض متعددة. على سبيل المثال، يمكن تعزيز استعراض بيانات الأداء الفعالة، وتوجيه الموارد بشكل أكثر فعالية، وتحسين سير العمل لزيادة الكفاءة العامة. والنتيجة النهائية تصبح بيئة عمل أكثر سلاسةً وإنتاجيةً.

اقرأ أيضا ما هو تسجيل الوقت المدعم بالذكاء الاصطناعي؟

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في اكتشاف الإجهاد والصراع الداخلي لدى الموظفين؟

لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على تحسين كفاءة سير العمل أو تقليل المخاطر الأمنية فقط. يمكن أن يلعب أيضًا دورًا كبيرًا في إدارة ثقافة مكان العمل. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل قنوات التواصل بين الموظفين، مثل الرسائل البريدية، والمحادثات، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، لقياس المشاعر.

“يمكن تطبيق قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر على جميع الاتصالات الداخلية. يستخدم التعلم الآلي لتحديد ما إذا كانت الفقرة المكتوبة إيجابيةً أم سلبيةً أم محايدةً وما الذي يشير له ذلك بخصوص الحالة العاطفية للكاتب. يمكن أن يكشف ذلك عن عدم الرضا أو عدم الارتباط الذي يحتاج المديرون إلى التعامل معه.” – مارك تايلور، راكونتر.

وهذا يتيح للذكاء الاصطناعي اكتشاف إشارات عدم الرضا، والإجهاد، أو الصراع الداخلي. كذلك، من خلال تحديد هذه المشكلات في وقت مبكر، يمكن لأصحاب العمل التدخل وتقديم الدعم عندما يكون الأمر يتطلب ذلك بشدة، مما يعزز بيئة العمل الصحية ويحسن من رفاهية الموظفين.

اقرأ أيضا ما هو متتبع الإجازات مدفوعة الأجر؟

كيف يدعم الذكاء الاصطناعي الحفاظ على المعايير القانونية والأخلاقية؟

دور آخر حيوي لبرامج مراقبة الموظفين المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي وهو ضمان الامتثال لمجموعة متنوعة من اللوائح وسياسات المنشأة والمعايير الأخلاقية. يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تفحص الاتصالات بين الموظفين، أو الوثائق، أو المعاملات بشكل تلقائي بحثًا عن أي انتهاكات للامتثال.

“من خلال تتبع وتحليل الأنماط، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المنشآت على ضمان الامتثال. يمكن تحديد الوصول غير المصرح به للبيانات الحساسة أو أي انتهاكات محتملة أخرى للسياسات بسرعة ومعالجتها. هذا النهج الوقائي لا يقلل من مخاطر عدم الامتثال فقط، بل يساعد أيضًا في الحفاظ على سمعة المنشأة في نظر أصحاب المصلحة والجهات الرقابية.” – هارفارد بزنس ريفيو

هناك قيمة أخرى للذكاء الاصطناعي في مساعدة المنشآت للحفاظ على سمعتها القانونية والأخلاقية. من خلال التنبيهات والتقارير التلقائية، يمكن للمنشآت معالجة المشكلات بسرعة، مما يقلل من مخاطر عدم الامتثال ومخاطر النزاعات القانونية ذات التأثير السلبي.

اقرأ أيضا هل برامج تتبع الوقت أخلاقية؟

كيف يعزز الذكاء الاصطناعي المساءلة وإدارة العمل عن بعد؟

انتشار العمل عن بعد منح الذكاء الاصطناعي أهميةً متزايدةً في مراقبة الموظفين. من خلال تسجيل أوقات دخول وخروج العاملين عن بعد، وحساب ساعات العمل الفعلية، وتقييم الإنتاجية العامة. يساعد الذكاء الاصطناعي في ضمان المساءلة حتى من خلال الإعداد للعمل عن بعد.

“مع انتشار العمل عن بعد بشكل متزايد بسبب جائحة كوفيد-19، تزايد استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين في المنزل. تلجأ المنشآت إلى هذه التقنيات لضمان عدم تأثر الإنتاجية خلال هذه الفترة التي تشهد زيادةً في العمل عن بعد.” – توليجو

إدارة فرق العمل عن بعد قد تواجه تحديات فريدة، ولكن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تجاوز هذه التحديات. كما يتيح للمنشآت إمكانية الحفاظ على مستوًى عال من المراقبة، بذلك تضمن إنتاجية الموظفين عن بعد وخضوعهم للمساءلة.

اقرأ أيضا ست طرق لإدارة أفضل لبيئة العمل المختلط

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير وتحسين المهارات؟

لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على المراقبة وتقييم أداء الموظفين فحسب، بل يمكن أن يلعب أيضًا دورًا مهما في تطوير الموظفين. من خلال تقديم ملاحظات وتوصيات شخصية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقترح تدريبًا محددًا أو برامج تدريبية استنادًا إلى بيانات الأداء الفردي.

“من خلال تقديم تدريب مخصص وتجارب تعلم شخصية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون له تأثير عميق على الأداء الفردي وبالتالي على المنشأة بأكملها.” – مارك تايلور، راكونتر

من خلال تحديد المجالات التي تحتاج للتحسين، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز بناء المهارات وتطوير الذات. النتيجة النهائية هي قوة عاملة أكثر فعالية، حيث يمكن للموظفين العمل على معالجة نقاط ضعفهم وتعزيز نقاط قوتهم.

اقرأ أيضا ما هو تطبيق دوام الموظفين؟

ما التحديات والمحاذير في مراقبة الموظفين باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

على الرغم من إمكانياته الكبيرة، فإن مراقبة الموظفين باستخدام الذكاء الاصطناعي لا تخلو من التحديات. تحقيق التوازن المناسب بين زيادة الإنتاجية واحترام الخصوصية هو أمر حساس. ستنمو المنشآت التي تستطيع تحقيق هذا التوازن، في حين أن المنشآت التي تفشل قد تهدد بالانتهاء.

يجب تحديد إرشادات واضحة بشأن استخدام المنشآت للذكاء الاصطناعي، والتواصل بصراحة ووضوح مع موظفيها. يمكن أيضًا أن يساعد هذا الحوار المفتوح في الحفاظ على الثقة وتعزيز إيجابية بيئة العمل، على الرغم من زيادة عمليات المراقبة.

ومع ذلك، ليست المنشآت وحدها هي المسئولة عن تحقيق هذا التوازن. يجب على الصناعة بأكملها المشاركة في النقاش والمساهمة في وضع سياسات مناسبة للاستعانة بالذكاء الاصطناعي في مكان العمل. نحن في مفترق طرق حيث سيتحدد مقدار الثقة والتفاعل لدى موظفينا مع إدارة الذكاء الاصطناعي. إذا أخطأنا قد تستغرق الصناعة سنوات لإعادة بناء تلك الثقة.

“إذا كنت لا تثق في موظفيك وهم لا يثقون فيك، فإن لديك مشكلةً رئيسيةً كبيرةً. عمليات المراقبة لا تزيد التحفيز. السؤال الحقيقي الذي يحاولون إجابته هو كيف نخرج أفضل أداء من الناس. كيف نجعل موظفينا يقدمون أفضل أداء، ويكونون أكثر إنتاجية، ويتوافقون بشكل أفضل مع قيمنا؟” – براسانت ناير، الرئيس التنفيذي لشركة جوزاء مزدوج