شهدت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية كبيرة انعكست على أسواق العمل وأنماط الحياة فيها، حيث باتت ساعات العمل موضوعاً مهماً يؤثر على رفاهية الأفراد وإنتاجيتهم اليومية. تختلف ساعات العمل بشكل واضح بين دول المنطقة بناءً على عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، إضافة إلى سياسات العمل الوطنية التي تلعب دوراً في تحديد مدة العمل الأسبوعية والإجازات الرسمية.
في هذا المقال، نستعرض الدول التي تسجل أطول ساعات عمل في الشرق الأوسط، ونناقش الأسباب التي تقف وراء هذا التفاوت، إلى جانب تأثير ذلك على حياة الأفراد والاقتصاد المحلي لكل دولة.
في هذا المقال
- متوسط عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط
- ما الدول الأطول في عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط
- كيف تؤثر زيادة ساعات العمل على اقتصاد الدولة
- ساعات العمل الإضافية في الشرق الأوسط
- خاتمة
متوسط عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط
تؤثر ساعات العمل على حياة الأفراد بشكل كبير، إذ ينعكس تأثيرها من الحياة المهنية إلى الشخصية للموظف. في الشرق الأوسط، يختلف متوسط عدد ساعات العمل من بلد إلى آخر. فلكل دولةٍ نمطٌ محدد يتبعه العاملون وأصحاب العمل بناءً على اللوائح والأنظمة المنصوص عليها في قانون العمل المحلي.
وفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، يبلغ متوسط ساعات العمل الأسبوعية في الشرق الأوسط حوالي 48 ساعة. وهذا أعلى من المتوسط العالمي البالغ 40 ساعة في الأسبوع. ويشير التقرير أيضاً إلى أن العمال في الشرق الأوسط يعملون لساعات أطول من العمال في العديد من المناطق الأخرى من العالم.
يُعتبر يوم الجمعة في معظم دول الشرق الأوسط عطلةً رسمية نظراً لأنه يومٌ مقدسٌ في الإسلام، ويبدأ أسبوع العمل عادةً من الأحد وينتهي يوم الخميس. يُعتمد هذا النظام في العديد من البلدان، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، حيث تتألف عطلة نهاية الأسبوع من يومين.
بينمت اتبعت الإمارات العربية المتحدة نظام عطلة نهاية أسبوع رسمي يشمل الجمعة لنصف يوم بالإضافة إلى يومي السبت والأحد، لجعل أيام العمل تتماشى بشكل أفضل مع أوضاع الأسواق العالمية. يعزز هذا التغيير القدرة على الاستفادة من انتعاش الأسواق المالية الدولية، كما يوفر مرونة في العمل للموظفين.
كما تختلف ساعات العمل في الشرق الأوسط حسب الصناعة والقطاع أيضاً. فعلى سبيل المثال، عادةً ما يعمل عمال البناء لساعات أطول مقارنةً بالعاملين في قطاعات مثل الخدمات والضيافة. ولحماية حقوق العمال وضمان ظروف عمل مناسبة لهم، وضعت حكومات بعض الدول، مثل قطر، قوانين تحدد ساعات العمل لعمال البناء بثماني ساعات يومياً، وذلك للحد من الإجهاد والمشقة وضمان سلامتهم.
اتجهت بعض دول الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة إلى تقليص ساعات العمل بهدف تحسين صحة العمال وسلامتهم وتعزيز التوازن بين العمل والحياة. مثلاً قامت الكويت بتطبيق قوانين تحدد ساعات العمل الأسبوعية بحدٍ أقصى يبلغ 48 ساعة لجميع الموظفين، كما حظرت عمل العمال في الأماكن المكشوفة من الساعة (11 صباحاً – 4 مساءً) في الفترة الممتدة ما بين شهر يونيو وحتى نهاية شهر أغسطس.
وبشكل عام، فإن متوسط عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط أعلى من المتوسط العالمي. لذلك تبذل الجهات المختصة جهودها الحثيثة لتقليل ساعات العمل، وتحسين ظروف حياة العمال المعيشية. ومع استمرار المنطقة في التطور، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف تتغير ساعات العمل وتتطور مع مرور الوقت.
إقرأ أيضاً: ساعات العمل في السعودية
ما الدول الأطول في عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط
تتميز دول الشرق الأوسط بتفاوت كبير في عدد ساعات العمل الأسبوعية، حيث تتأثر هذه الساعات بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن القوانين والسياسات المعمول بها في كل دولة. فيما تتجه بعض الدول إلى تقليص ساعات العمل بما يتناسب مع احتياجات العمال وتوفير الحياة المريحة لهم؛ تستمر بعض الدول الأخرى في اتباع نظام العمل لساعات طويلة تصل إلى 48 ساعة أسبوعيًا أو أكثر. فيما يلي نتناول عدد ساعات العمل في الشرق الأوسط من الأطول إلى الأقصر:
- 48 ساعة أسبوعياً: هي الفترة الأطول لساعات العمل في الشرق الأوسط، حيث تعمل معظم الدول ضمن هذا المعدل، وأبرزها المملكة العربية السعودية، والبحرين، والكويت، وقطر، ومصر، والأردن، وتونس، ولبنان.
- 46 ساعة أسبوعياً: هي الفترة المقررة للعمل في المغرب.
- 40 ساعة أسبوعياً: هي الفترة المقررة للعمل في مصر والجزائر واليمن وسوريا والعراق وفلسطين وليبيا.
- 36 ساعة أسبوعياً: هي الفترة المقررة للعمل في الإمارات.
- 30 ساعة أسبوعياً: هي الفترة المقررة للعمل في عُمان.
اعرف المزيد عن: ساعات العمل الإضافي في قانون العمل الكويتي
كيف تؤثر زيادة ساعات العمل على اقتصاد الدولة
ظلت مسألة ساعات العمل الطويلة موضوعا للنقاش لسنوات عديدة. وبينما يزعم البعض أن زيادة ساعات العمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي، يرى آخرون أن ذلك يمكن أن يكون له عواقب سلبية على صحة الموظفين ورفاهيتهم، فضلاً عن تأثيرها المباشر على الاقتصاد ككل. فيما يلي نبين كيف تؤثر زيادة ساعات العمل على اقتصاد الدولة:
- تحسين الإنتاجية في بعض القطاعات: قد يؤدي العمل لساعات أطول في بعض الصناعات إلى زيادة الإنتاجية الفورية، وهو ما يُعد أمراً جيداً في القطاعات التي تتطلب الاستمرارية في العمل مثل البناء والإنشاء. لكن في المقابل قد تؤدي الساعات الطويلة في قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا إلى انخفاض الإنتاجية بسبب الإرهاق والتعب الشديدين.
- زيادة التكاليف الاقتصادية على الصحة: تؤدي ساعات العمل الطويلة إلى مشاكل صحية، مثل الإرهاق وكثرة الإصابات، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية والتأمين. تشير الدراسات إلى أن العمال الذين يعملون أكثر من 50 ساعة في الأسبوع معرضون لزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
- انخفاض الكفاءة والابتكار: يمكن أن يؤدي ضغط ساعات العمل الطويلة إلى تقليل قدرة العمال على التفكير الإبداعي والابتكار مع مرور الوقت، وهذا يؤثر سلباً على تقدم الشركات والتطور التكنولوجي في الدولة بالعموم.
- زيادة التكاليف الاجتماعية: يؤثر العمل لساعات طويلة على التوازن بين العمل والحياة لدى العاملين، مما يؤدي إلى تزايد المشكلات الاجتماعية مثل الطلاق والضغوطات النفسية. مما ينعكس على الاستقرار الاجتماعي وعلى إنتاجية العمال بشكل غير مباشر.
- تحفيز النمو الاقتصادي المؤقت: تعزز زيادة ساعات العمل النمو الاقتصادي على المدى القصير من خلال زيادة الإنتاج. لكن على المدى الطويل قد يواجه الاقتصاد مشاكل خطيرة مثل تراجع القوة الشرائية بسبب الإرهاق العام للمواطنين.
- تحقيق التوازن بين الطلب والعرض في سوق العمل: يمكن أن تساعد زيادة ساعات العمل في بعض الحالات في تلبية احتياجات السوق في القطاعات التي تعاني من نقص في العمالة. ولكنها قد تؤدي إلى زيادة الضغط على القوى العاملة في نفس الوقت.
ساعات العمل الإضافية في الشرق الأوسط
تتراوح ساعات العمل الرسمية كما عرفتَ للتو بين (40 -48) ساعة أسبوعياً في العديد من دول الشرق الأوسط. مع وجود ساعات إضافية تُفرض أحياناً حسب القطاع والحاجة. وهي الساعات التي تتجاوز عدد الساعات الأساسية المحددة قانونياً للعمل في أسبوع أو يوم معين. تُحسب ساعات العمل الإضافية عادةً بمعدلات أجر أعلى من الأجر الأساسي، لتحفيز الموظفين وتعويضهم عن وقتهم وجهدهم الإضافي.
كما تساعد على زيادة الإنتاجية وإتمام المشاريع المستعجلة أو تلبية الطلبات الموسمية خصوصاً في فترات الذروة. تساعد ساعات العمل الإضافية أيضاً الشركات على التكيف مع احتياجات العمل المتغيرة دون الحاجة لتوظيف عمالة إضافية، خاصة في القطاعات ذات الطلب المتغير. إلى جانب تحسين دخل الموظفين وتعزيز الرضا الوظيفي وتقليل معدل الدوران.
في دول الخليج مثل السعودية والإمارات، يتم تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يومياً، وقد يُطلب من العمال العمل لساعات إضافية أخرى بمعدلات أجر أعلى، خاصةً في قطاعات نشطة مثل البناء والصناعة. إضافة إلى ذلك، تم وضع قوانين تحمي العمال من استغلال ساعات العمل الزائدة لحماية صحتهم ورفاهيتهم.
إقرأ أيضاً: ساعات العمل في الإمارات
خاتمة
على الرغم من أن زيادة ساعات العمل قد تؤدي إلى رفع مستوى الإنتاجية والنمو الاقتصادي على المدى القصير، إلا أنها قد تترافق مع عواقب سلبية على صحة الموظفين ورفاهيتهم، وكذلك الاقتصاد الكلي للدول على المدى الطويل.
ولذلك، من المهم لأصحاب العمل وواضعي السياسات في الشرق الأوسط النظر في تأثير ساعات العمل الطويلة على الموظفين والاقتصاد العام، وتنفيذ السياسات والمبادرات التي تعزز التوازن الأفضل بين العمل والحياة وسعادة الموظفين.