الحد الأدنى للأجور في الكويت

14 تشرين الثاني 2024

يشكل الحد الأدنى للأجور أحد القضايا الاقتصادية والاجتماعية المهمة التي تسعى العديد من الدول لتنظيمها وضبطها، وذلك بهدف تحقيق العدالة في سوق العمل وضمان حقوق العاملين في كافة القطاعات والمجالات. 

يحظى موضوع الحد الأدنى للأجور في الكويت بذات الأهمية، وخاصةً مع وضع التحديات التي يواجهها سوق العمل المحلي بعين الاعتبار، وتزايد الاعتماد على العمالة الوافدة، فكان لا بد من وجود سلمٍ واضح للأجور يحدد الحد الأدنى الذي يتناسب وتكلفة المعيشة للأفراد في البلاد.

قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت بتحديث القوانين واللوائح بما يتوافق مع الأوضاع الاقتصادية العامة. وفي هذا المقال نسلط الضوء على الحد الأدنى للأجور في الكويت، وأهمية رفع ذلك الحد، وأثره على العمالة الوافدة، وكذلك التوصيات المقترحة لتطوير السياسات المتعلقة بالأجور لضمان تحقيق التوازن بين حقوق العاملين ومتطلبات السوق.

في هذا المقال:

مفهوم الحد الأدنى للأجور في الكويت

 تُعرف الأجور في الكويت على أنها مقدار ما يتقاضاه العامل من أجرٍ أساسي، أو ما ينبغي أن يتقاضاه لقاء عمله وبسببه، مضافاً إليه كافة العناصر المنصوص عليها في العقد. ويقوم الوزير بإصدار قرار كل (5) سنوات، يحدد فيه الحد الأدنى للأجور وفقاً لطبيعة المهن والصناعات، بناءً على نسبة التضخم وبعد التشاور مع اللجنة الاستشارية لشؤون العمل والمنظمات المختصة.

تُطبق سياسات الأجور في الكويت بما يتماشى مع توجهات الحكومة لتحسين بيئة العمل وضمان حقوق العاملين، وخاصة العمالة الوافدة التي تشكل نسبة كبيرة من القوى العاملة في البلاد. وتستند السياسات المتعلقة بالحد الأدنى للأجور إلى القوانين الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي تسعى إلى تحقيق توازن بين حماية حقوق العمال وتعزيز تنافسية السوق.

من الجدير بالذكر أن الكويت تعتمد في تشريعاتها على قوانين تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وفقاً لقانون العمل رقم 6 لسنة 2010، والذي يشمل المواد الخاصة بتنظيم الأجور وساعات العمل والإجازات. يمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل من خلال موقع الإدارة المركزية للإحصاء الكويتي الذي يوفر بيانات حول سوق العمل، أو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للحصول على معلومات حول اللوائح والسياسات الحالية.

تاريخ تطور سلم الحد الأدنى للأجور في الكويت

شهدت سياسات الكويت تطوراً ملحوظاً عبر الزمن، حيث بدأت الدولة بوضع تشريعات تهدف إلى تنظيم سوق العمل وحماية حقوق العمال منذ منتصف القرن العشرين. ومع زيادة الطلب على العمالة الوافدة وتوسع النشاط الاقتصادي؛ تضاعفت الحاجة لوضع قوانين من شأنها تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وتحديد الأجور بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

في البداية، كانت الأجور في الكويت تُحدَّد بشكل غير رسمي بين أصحاب العمل والعمال، وكانت هناك تفاوتات كبيرة في الرواتب بحسب نوع العمل وجنسية العامل. مع تزايد أعداد العمالة الوافدة في السبعينيات والثمانينيات، أُدخِلَت قوانين جديدة لتنظيم الأجور وضمان حقوق العمال.

 من بين التغييرات الرئيسية في قانون العمل الكويتي؛ تحديد الحد الأدنى للأجور لبعض الفئات، مثل العمالة المنزلية، بحيث وضعت الحكومة لائحة خاصة بهم لضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية، بما في ذلك تحديد حد أدنى للأجر الشهري بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور المحددة بالقرار الصادر من وزير الداخلية، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية المتعلقة بساعات العمل والإجازات.

تشمل هذه اللوائح أيضاً تحديد عدد ساعات العمل اليومية بحيث لا تتجاوز 48ساعة أسبوعياً، مع فترات راحة إلزامية، ومنح العمال يوم راحة أسبوعي مدفوع الأجر. كما تضمن القوانين حق العمال في الحصول على إجازة سنوية مدفوعة الأجر لمدة 30 يوماً، بالإضافة إلى تغطية النفقات الصحية، لضمان سلامتهم ورفاهيتهم.

تأتي هذه القوانين كجزء من الجهود الرامية لتحسين ظروف العمل للعمالة الوافدة وضمان التزام أصحاب العمل بالمعايير الدولية لحماية حقوق العمال. كما بدأت الحكومة بمراجعة الأجور بشكل دوري لمواكبة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يعكس التزامها بتوفير بيئة عمل مستدامة وعادلة.

اقرأ أيضاً: قانون العمل الكويتي الجديد

الحد الأدنى للأجور في الكويت حالياً

تختلف الأجور في الكويت باختلاف المنصب الوظيفي المشغول، والجنس، والكفاءة والتحصيل العلمي، ولكن هناك معايير ثابتة يتم اعتمادها كأساس للتوظيف للتعامل مع مختلف الحالات؛ سواء أكانوا مقيمين أو وافدين. 

وبشكلٍ عام لم تتضمن اللائحة الرسمية لقانون العمل الكويتي حداً أدنى للأجور بالوصف الدقيق، ولكن المادة (28) أكدت على أنه يجب على العامل تقاضي أجرٍ واضح وموثق في العقد بالاتفاق بينه وصاحب العمل، على أن يشمل ذلك الأجر كافة المزايا والمكافآت والامتيازات العامة.

كما صدر القرار الوزاري رقم 14 لسنة 2017 بشأن الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الأهلي والنفطي في الكويت والذي تحدد بمبلغ 75 ديناراً كويتياً شهرياً، وذلك بالنسبة لعقود العمل وأذونه، والتي يتم إبرامها أو تجديدها اعتبارً من تاريخ العمل به.

كما يسري القرار كذلك على العقود والمشاريع الحكومية التي يتم إبرامها بعد العمل بأحكام هذا القرار، في حين أن القرار الوزاري المشار إليه لن ينطبق على العقود والمشاريع الحكومية السارية قبل صدوره أو في حالة تمديد هذه العقود.

لكن الحد الأدنى للأجور  في الكويت حالياً يبلغ حوالي 60 ديناراً كويتياً للعمالة المنزلية في القطاعات الحكومية، وقد يصل إلى 75 ديناراً كحد أدنى في القطاع الخاص للعمال الأجانب كما هو متعارف عليه. على يشمل الراتب الأساسي الذي يتقاضاه العامل: الأجر الأساسي، والحوافز، والعمولات، والمكافآت الإلزامية، والإكراميات، والبدلات التي يستفيد منها الموظف (مثل بدل السكن)، مع استثناء البدلات على حساب المصروفات وأسهم الأرباح.

وبحسب قانون العمل الكويتي، فإن هناك مجموعة من الشروط التي يجب أخذها بعين الاعتبار بالنسبة للأجور، وهي:

  • يجب سداد الأجور للموظفين بالعملة القانونية (الدينار الكويتي) خلال 7 أيام من تاريخ الاستحقاق. 
  • تودَع الأجور في حسابات العمال المفتوحة لدى مؤسساتهم المالية المحلية. كما تحال نسخة من البيان المرسل لتلك المؤسسة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.  
  • يجب أن يتقاضى الموظفون أجورهم مرة واحدة في الشهر على الأقل. بينما يتم السداد للعمال المصنفين بالقطعة والعاملين بأجر بالساعة أو الأسبوع كل أسبوعين. 
  • لا يجوز لصاحب العمل نقل العامل بأجر شهري إلى درجة أخرى دون موافقته. كما لا يتم المساس بالحقوق التي حصل عليها العمال أثناء النقل.
  • لا يجوز اقتطاع أكثر من 10% من أجر العامل لسداد أي ديونٍ مستحقة لصاحب العمل، ولا يتقاضى الأخير عنها أي فائدة.
  • يجب على الوزير إصدار قرار كل خمسة سنواتٍ كحد أقصى لتحديد الحد الأدنى للأجور في الكويت. وفقاً للمهن الوظيفية والصناعات المختلفة، آخذاً بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي للدولة والتضخم. وذلك بعد التشاور مع اللجنة الاستشارية لشؤون العمل والمنظمات المختصة.

إقرأ أيضاً: التعديلات الأخيرة في قانون العمل الكويتي

أهمية رفع الحد الأدنى للأجور في الكويت

تعمل الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت على دراسة سلم الرواتب بين الحين والآخر، وتغييره بما يتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية، وتكمن أهمية ذلك في:

  1. تحسين مستوى المعيشة: يساعد في زيادة دخل العمال ذوي الأجور المنخفضة، مما يرفع من قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل: الغذاء، السكن، والرعاية الصحية.
  2. معالجة مشكلة الفقر: يساهم رفع الحد الأدنى للأجور في تقليل نسب الفقر بين العمال، ويعزز من توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة داخل المجتمع.
  3. تحفيز نمو الاقتصاد المحلي: زيادة الأجور تعني زيادة القدرة الشرائية للأفراد، مما يؤدي إلى تعزيز الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي تحفيز النمو الاقتصادي.
  4. تشجيع الإنتاجية: يمكن أن يؤدي تحسين الأجور إلى زيادة رضا العاملين، مما يحفزهم على أداء عملهم بكفاءة أكبر، ورفع الإنتاجية العامة في الاقتصاد.
  5. الحد من التمييز في الأجور: يساهم في تقليل الفجوات في الأجور بين العمال المحليين والوافدين، مما يعزز من مبدأ العدالة الاجتماعية بين الجميع في بيئة العمل.
  6. تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي: يقلل رفع الأجور من الحاجة للدعم الاجتماعي الحكومي مثل الحصول على المنح والمساعدات المالية، بحيث يكون العمال قادرين على تلبية متطلباتهم المعيشية بأنفسهم، وذلك يخفف من الأعباء المالية على الحكومة.
  7. تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية: يساعد في تقليل الفجوة بين الطبقات المختلفة في المجتمع؛ غنيها وفقيرها، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويقلل من التفاوت في توزيع الدخل.
  8. جذب العمالة الماهرة: تحسين الأجور يمكن أن يجعل الكويت وجهة أكثر جاذبية للعمالة الماهرة، مما يساهم في تطوير الاقتصاد وزيادة التنافسية.

اعرف المزيد: نظام حماية الأجور في الإمارات

مقارنة الحد الأدنى للأجور في دول مجلس التعاون الخليجي

تُعدّ منطقة الخليج وجهةً جذابةً للعمل للعديد من الجنسيات، بفضل النمو الاقتصادي المتسارع، والاستقرار السياسي، ومستويات الرواتب الجيدة في بعض القطاعات. وتحتل بعض الدول الخليجية مراتب متقدمة في تصنيف الدول الأكثر جذباً للعمالة الوافدة عالمياً، نظراً لتوفر فرص العمل المتنوعة في القطاعات النفطية، والمالية، والبناء، والسياحة. على سبيل المثال تلعب العمالة الوافدة في الكويت دوراً كبيراً في الاقتصاد، حيث يمثل الوافدون حوالي 72% من إجمالي السكان و88% من القوى العاملة في البلاد.

وفيما يلي نقارن بين الحد الأدنى للأجور في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك حسب السياسات الاقتصادية المتبعة في كل دولة:

  • الكويت: يبلغ الحد الأدنى للأجور حوالي 60 ديناراً كويتياً (195 دولاراً أمريكياً) شهرياً، وقد تم تحديد هذا المبلغ للعمالة في القطاعين الأهلي والنفطي.
  • السعودية: الحد الأدنى للأجور للقطاع الخاص يبلغ 4.000 ريال سعودي (1.066 دولاراً أمريكياً) شهرياً للموظفين السعوديين، في حين لا يوجد حدٌ أدنى رسمي للعمالة الوافدة.​
  • الإمارات: لا ينص قانون العمل الاتحادي على حد أدنى للأجور، ولكن يوجد به إشارات عامة توضح ضرورة تلبية الأجور للاحتياجات الأساسية للموظفين.​.
  • قطر: يبلغ الحد الأدنى للأجور في قطر  1.000 ريال قطري (275 دولاراً أمريكياً) شهرياً، مع توفير بدل للسكن والغذاء للعاملين الذين لا يوفر لهم صاحب العمل هذه الاحتياجات​.
  • البحرين: الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع العام يبلغ حوالي 300 دينار بحريني (796 دولاراً أمريكياً)، ولكن لا يوجد حد أدنى معين للأجور في القطاع الخاص​.
  • عُمان: يعتمد الحد الأدنى للأجور على جنسية العامل، حيث يبلغ حوالي 325 ريالاً عمانياً (845 دولاراً أمريكياً) للعمال العمانيين، بينما لا يوجد حدٌ أدنى رسمي للأجور للعمالة الوافدة​.

اعرف المزيد: الحد الأدنى للأجور في المملكة العربية السعودية

توصيات لرفع الحد الأدنى للأجور في الكويت

لرفع الحد الأدنى للأجور في الكويت بشكل فعال، يمكن النظر في التوصيات التالية:

  • تحليل تأثير الحد الأدنى للأجور على الاقتصاد: يجب إجراء دراسات شاملة لفهم كيفية تأثير رفع الأجور على الاقتصاد الكويتي. تساعد هذه الدراسات في تقدير الفوائد والمخاطر المحتملة. كما يوصى بالاستفادة من تجارب دول رائدة أخرى، مثل الولايات المتحدة وكندا، حيث تم تطبيق سياسات مماثلة بنجاح. 
  • التحسينات في نظام الرعاية الاجتماعية: ينبغي أن يصاحب رفع الحد الأدنى للأجور تحسينات في أنظمة الرعاية الاجتماعية، مثل التأمين الصحي، والسكن، والنقل. إذ تساعد هذه التحسينات في تقليل العبء المالي على العمال، مما يسهل عليهم تلبية احتياجاتهم اليومية. 
  • تعزيز برامج التدريب المهني: رفع الحد الأدنى للأجور يجب أن يتزامن مع برامج تدريب لتطوير مهارات العمال. هذه البرامج تزيد من كفاءة العمل وتساهم في تحسين الإنتاجية.
  • زيادة الشفافية في التوظيف: يجب تعزيز الشفافية في عروض العمل والتوظيف في الكويت لضمان معرفة جميع العمال لحقوقهم ومزاياهم. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين العلاقات بين أصحاب العمل والعمال وتعزيز تطبيق الحد الأدنى للأجور.  
  • تفعيل دور النقابات العمالية: يجب تشجيع النقابات العمالية على المشاركة الفعالة في عملية تحديد الحد الأدنى للأجور  في الكويت لضمان حماية حقوق العمال ومراقبة تطبيق السياسات.  

خاتمة

يمثل تحديد الحد الأدنى للأجور في الكويت خطوة حيوية نحو تحسين أوضاع العمالة وتعزيز العدالة الاجتماعية. فرغم التحديات الاقتصادية التي قد تواجهها بعض القطاعات نتيجة زيادة الأجور، إلا أن الفوائد المحتملة مثل معالجة الفقر وتقنينه، وتحسين مستوى المعيشة، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي؛ تستحق النظر.

لضمان فعالية تطبيق هذه السياسات، من المهم إجراء تقييمات دورية ومراجعات تشمل جميع الأطراف المعنية في قانون العمل الكويتي، بما في ذلك الحكومة وأصحاب العمل والعمال. كما ينبغي تعزيز برامج التدريب المهني لتحسين مهارات العمالة وزيادة قدراتهم التنافسية في سوق العمل بما يحقق التنمية المستدامة للدولة.