وقت العمل في الإسلام

2025

Written by Hebaal Jundi
بقلم Hebaal Jundi،

نظرة عامة

يُعد الوقت نعمة من نعم الله عز وجل على الخلق، ولذلك يجب على الإنسان استثمار هذه النعمة على أكمل وجه، وأن لا يضيع وقته فيما لا طائل منه، وأن يستغله في كل مفيد وحسن، ومن ذلك أيضاً وقت العمل في الإسلام.

ولذلك جاءت الشريعة الإسلامية بالعديد من الضوابط والأحكام التي توجه العامل إلى التفاني في تنظيم وقته، والأمانة والإخلاص في استغلاله بالعمل والكسب الحلال حتى آخر دقيقة من يومه الوظيفي.

 في هذا المقال:

مفهوم العمل في الإسلام

يُعرف العمل اصطلاحاً بأنه كل ما يصدر من فعلٍ أو حركة، أما مفهوم العمل في الإسلام فيعني القيام بالفرائض والواجبات الدينية، بينما يعني بمفهومه الاقتصادي المهني الجهد البدني الذي يبذله الإنسان في مجال معين من أجل إنتاج الخدمات والسلع بغرض الكسب والعيش.

وقد دعا الإسلام إلى التزام العامل بوقت العمل، فبما أنه وافق قبل استلام الوظيفة على أركان العمل وشروطه ومنها الالتزام بساعات الحضور والانصراف، فإن عليه احترام وقت العمل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً”- الألباني.

اقرأ أيضاً: آيات قرآنية في حقوق العمال

تقسيم وقت العمل

الإسلام هو دين عمل وجد وعطاء، ولهذا نجد العديد من الآيات القرآنية التي تدعو إلى الإنتاج والعمل في القرآن الكريم:

قال الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) – سورة التوبة: 105

لكن الإسلام أيضاً هو دين الوسطية والاعتدال، إذ ليس من الصواب أن يمضي الإنسان وقته كله في مكان العمل متناسياً واجباته الأخرى، والتزاماته ومسؤولياته تجاه الآخرين، بل يجب تقسيمه بطريقةٍ تجمع بين الكد والراحة على النحو الآتي:

  • وقت العمل 

أفضل أوقات العمل وأكثرها بركة هي العمل صباحاً، إذ قال الله عز وجل:

قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) – سورة النبأ: 10-11

تبين الآية الكريمة أن الله قد جعل النهار ليكون وقت المعاش للناس، فيحصلوا فيه ما هم بحاجة إلى تحصيله من أرزاق ومنافع، أما الليل فوصفه الله بأنه كاللباس الساتر للناس، إذ يلفهم بالظلمة، فهو وقت الراحة والسكون، بينما النهار هو وقت السعي والحركة والانتشار والعمل. 

 قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا) – سورة الفرقان: الآية 47

فسر العلامة القرطبي الآية الكريمة بالقول أن الله قد جعل النوم سباتاً، أي راحةً لأبدانكم لانقطاعكم عن العمل والأشغال ليلاً، وكلمة السبات أصلها من التمدد، والتمدد يعني الراحة، أما النهار فقد جعله الله نشوراً أي من الانتشار للمعاش وطلب الرزق.

نستدل من السنة النبوية الشريفة أيضاً على أفضل وقت للعمل في الإسلام من قوله صلى الله عليه وسلم: “اللهم بارِكْ لأمتي في بكورها. وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشًا بعثهم أولَ النهارِ” – صحيح، وتعني كلمة البكور أول النهار، بعد بزوغ ضوء الفجر وانتشاره وأداء صلاة الفجر.

خص النبي الكريم وقت البكور بالدعاء لأنه الوقت الذي يبدأ فيه الناس أعمالهم وسعيهم، وهو كذلك وقت النشاط، وفي ذلك إشارةٌ صريحة لأهمية الوقت في حياة المسلم، والحرص على بداية يومه فيما فيه نفعه وصلاح حاله.

  • وقت العائلة والأهل

كان الرسول صلى الله عليه وسلم محافظاً على وقته، مستثمراً له في العبادة والطاعة، مقسماً له ما بين حق الله، وحق أهله، وحق نفسه، وحق الناس، إذ قال عليه السلام: “خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي” – صحيح.

فلأهل العامل حق عليه، من والديه، وإخوته وأخواته، وزوجته وأولاده، فلا يجب أن يستنزف العامل نفسه في العمل بشكل مجهد، بحيث لا يملك الوقت الكافي للجلوس مع عائلته، والسؤال عن أحوالهم، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم.

ومن الأدلة النبوية على ذلك أيضاً، أنه عندما زار الصحابي سلمان الفارسي صاحبه أبو الدرداء، فرأى أم الدرداء متبدلة، فسألها سلمان عن ذلك، فقالت: “أخوك أبو الدرداء ليس له حاجةٌ في الدنيا”، فأتى سلمان لأبو الدرداء وقال له:”إن لربك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقه”، ولما ذُكر هذا للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: “صدق سلمان”- صحيح.

يبين الحديث النبوي الشريف أهمية إدارة وقت المسلم بنجاح، فيُحدد وقت العمل ويخلص فيه، ثم إذا انتهى منه وعاد إلى أسرته أعطاهم حقهم من وقته أيضاً، فلا يغلب وقت العمل على الوقت المخصص لهم، والعكس، فالعائلة لها حقوق عظيمة على العامل. 

  • وقت الإنسان لنفسه

من حق الإنسان على نفسه الحصول على وقتٍ للراحة، والقرآن الكريم والسنة النبوية يوجهانه إلى تحقيق التوازن في حياته بين العبادة والعمل، وبين حقوق الآخرين وحق نفسه. فقد اهتم الإسلام بتخصيص وقت للنفس للعناية بها روحياً وجسدياً وعقلياً.

قال الله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ) – سورة القصص:77

وكما قرأنا في قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما: “إن لنفسك عليك حقاً”، فعلى المسلم أن يسعى لإشباع كافة جوانب حياته بدون إفراطٍ ولا تفريط، ومن حقه أن يتمتع بوقتٍ خاص لنفسه، وأن يستغله بما فيه الفائدة والنفع.

اعرف المزيد عن أيام العمل في الإمارات

الأوقات المنهي عن العمل فيها

يُعتبر العمل عبادة يتقرب فيها العبد إلى ربه، وعليه أن يتحرى فيها ما يحقق له تلك الغاية، من إتقان العمل، والإخلاص فيه، والصدق مع الآخرين، وكذلك تجنب الأوقات المنهي عن العمل فيها، وهي:

  • الأوقات الخاصة بالعبادات

يُنهى عن الانشغال بالبيع والشراء أو أي عمل يمنع حضور صلاة الجمعة، فهذا اليوم مقدس في حياة المسلمين، وفي الكف عن العمل فيه تربية كبيرة لنفس المسلم، فإذا كان في العمل والتجارة خيرٌ كثير وربحٌ وفير، فإن التجارة مع الله أكثر رزقاً وأشد بركة.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) – سورة الجمعة: 9

وقد فسر الفقهاء البيع في الآية الكريمة بالمعاملات من بيع وشراء بجميع أنواعها، وكافة أشكال العمل، فيجب على المسلم أن يقدم وقت صلاة الظهر يوم الجمعة على العمل، بل وكل الصلوات المكتوبة أيضاً.

قال الله تعالى: (ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) – سورة النساء: 103

يعني الكتاب الموقوت أن أوقات الصلوات مفروضة، وأن لها وقتاً محدداً لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، ذكورهم وإناثهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • أوقات الحر الشديد

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم” – صحيح بخاري. ويدل الحديث على مشروعية الإبراد بالظهر عند اشتداد الحر، فكلمة “أبردوا” أي انتظروا ذهاب الحر بالصلاة.

ولم يقل الرسول اعملوا أو أن وقت الحر الشديد هو وقت العمل، وإنما وجه الحديث الشريف المسلمون إلى انتظار وقت الإبراد، وهو ما عينه بعض المفسرين بوقت الظل وغياب وهج الشمس وحرارتها.

طبقت العديد من الدول ذلك التوجيه النبوي، وبالأخص دول الخليج التي تشتهر بشدة الحرارة في فصل الصيف، إذ وضعت الدول قوانين عملٍ رحيمة، تضمن حقوق العمال في الحماية من أشعة الشمس، وتحديد وقت العمل بشكل واضح.

ففي قطر تم وضع قانونٍ خاص وهو التشريع المتعلق بالإجهاد الحراري في قطر، وينص على أنه يحظر العمل في أماكن العمل المكشوفة، التي يتعرض فيها العمال للرطوبة ودرجة الحرارة العالية، في الفترة الممتدة ما بين (1 حزيران – 15 سبتمبر) بين الساعة العاشرة صباحاً والثالثة والنصف بعد الظهر.

وفي الإمارات العربية المتحدة أطلق برنامج السلامة في الحر في أبو ظبي لتنفيذ برنامج إدارة الإجهاد الحراري، وضبط ساعات العمل في الإمارات، وذلك تماشياً مع قانون حظر العمل وقت الظهيرة من قِبل وزارة الموارد البشرية والتوطين الإماراتية، والذي يقضي بمنع تأدية الأعمال تحت أشعة الشمس في الأماكن المكشوفة من الساعة 12:30 ظهراً حتى 3:00 عصراً، و يستمر لمدة ثلاث شهور من 15 يونيو الى 15 سبتمبر. 

وكذلك أصدرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في السعودية قانوناً ينص على أنه لا يجوز تشغيل العامل في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشر ظهراً والساعة الثالثة مساءً، خلال الفترة ما بين 15 يونيو وحتى 15 من شهر سبتمبر، حفاظاً على سلامة العاملين.

الحقوق والواجبات المتعلقة بساعات العمل للموظف

للعامل الحق في تحديد وقت العمل الخاص به، ولهذا حرصت كافة قوانين العمل على إدراج فصلٍ خاص في تحديد ساعات العمل، بل إن منظمة العمل الدولية وضعت إطاراً عاماً لكافة الدول، يقضي بأن الحد الأعلى لساعات العمل الأسبوعية هو 48 ساعةً وحسب.

لكن، إلى جانب الحقوق فإن هناك واجباتٍ مهمة على العامل أن يراعيها، إذ يعكس الالتزام بها مدى إخلاصه وصدقه، وتحريه للحلال والحرام في وقته، وفيما يلي نتناول إضاءات متنوعة  حول أحكامٍ متعددة حول احترام وقت العمل في الإسلام:

#1 حكم عمل الموظف خارج ساعات العمل

إذا اشترط عقد العمل على العامل عدم العمل لحسابه الخاص واستثمار ماله في أي نوعٍ من أنواع الأعمال، فإن عليه الالتزام بذلك طالما رضي بالعقد ووقع عليه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “المسلمون عندَ شروطِهم” – حديث حسن.

حتى لو كان مجال العمل الذي ينوي العامل القيام به خارج ساعات العمل حلالاً فإنه يُأثم ما دام متعارضاً من شروط عقد العمل، إذ إن من إحسان العمل أن يُراعي المسلم شروط الوظيفة بينه وبين صاحب العمل. ولا يحق له العمل إلا بإعلام الإدارة وأخذ الموافقة منها.

#2 حكم خروج الموظف قبل انتهاء ساعات العمل

قد يحدث أن يخرج العامل من عمله قبل انتهاء ساعات الدوام الرسمية، أو يأتي متأخراً عن ساعات العمل أيضاً، وحكم ذلك أنه لا يجوز الخروج قبل انتهاء وقت الدوام الرسمي الذي حدد ابتداء وانتهاء، وتعاقد عليه الموظف مع جهة العمل.

كما لا يجوز التأخر عن الحضور في بداية الدوام دون عذر؛ لما في ذلك من الإخلال بالشرط المتعاقد عليه بين الطرفين، حتى لو أدى العامل عمله على الوجه المطلوب ولم يخل به. ويجب على من يفعل ذلك التوقف عنه وتقدير مقابل ساعات التأخير وإيداعه في صندوق جهة العمل.

#3 حكم إطالة وقت العمل

يقوم العامل أحياناً بعمل يتطلب ساعة واحدة في خمسة ساعات، ولا يخبر المدير المسؤول عن ذلك، ويأخذ الأجر على عمله ذلك، وهنا يرتبط حكم ذلك بالدوام الزمني المحدد للوظيفة، فإذا كان العامل مكلفاً بعمل خاص استحق أجره عند وصوله إلى العمل، وتأدية المهام الموكلة إليه.

ولكن لا يجوز على العامل أو الموظف أن يتظاهر بأن عمله ذلك يتطلب ساعاتٍ كثيرة فيبالغ في الإطالة في العمل، إذ يُعد ذلك غشاً وتلاعباً محرماً في الإسلام، وإنما يلزمه القيام بالعمل بدون تباطئ من جهة أو إشقاقٍ زائد على نفسه من جهةٍ أخرى.

قد يفعل بعض الموظفين ذلك لتجنب إيكال مهامٍ جديدة لهم من قِبل صاحب العمل إن أدرك أن العمل لا يتطلب وقتاً طويلاً، والحقيقة أن ذلك حقه وله ذلك، ويرى الفقهاء أن الوقت يجب أن يكون كله للعمل عدا وقت الصلاة، والأكل، والشرب، وقضاء الحاجة.

وحتى إذا شعر الموظف أنه مظلوم في مقدار الأجر الذي يحصل عليه، وأنه يستحق أجراً أكثر، أو زيادةً أعلى، فإن ذلك لا يبيح له تضييع الوقت، لكي لا يُكلف بمهمة جديدة وعمل آخر.

#4 حكم عمل الموظف في جهتين في وقت واحد

يُعتبر العمل في عملين اثنين في آن واحد أمراً مشروعاً بالعموم، تحلله الشريعة الإسلامية، ولكن إذا كان ذلك على الرغم من التعهد بعدم العمل مع جهة أخرى في أحد عقدي العمل، فإن العمل في هذه الحالة غشٍ ويعتبر حراماً.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) – سورة المائدة: 1

فالأصل بالمسلم أن يكون صادقاً، حتى لو لم يعرف طرفٌ من الأطراف أو كليهما بأمر العمل مع الطرف الآخر، ويُشرع ذلك في حالة معرفة الطرفين وموافقتهما الكاملة بالتراضي على العمل مع الجهتين معاً.

#5 حكم دراسة الكتب الدينية وقت العمل

يجد الموظف المثابر نفسه أحياناً وقد أنجز العمل الذي عليه تمام الإنجاز، وتبقى لديه بعض الوقت، فيمضيه في قراءة الكتب الدينية، فلا حرج في ذلك ما دام قد أدى ما كُلف به، وأراد أن يستفيد من الوقت المتبقي بقراءة الكتب الدينية المفيدة أو قراءة القرآن في مكان العمل.

كما يمكن استغلال وقت الفراغ الزائد في العمل بذكر الله عز وجل، في التسبيح والاستغفار والتهليل والتكبير، أما إذا كانت القراءة ستشغل العامل عن عمله بأي شكل ما فإنها لا تجوز أبداً.

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) سورة النساء: 58

إذ يُعتبر أداء العمل المطلوب أمانة يحاسب عليها المسلم، فيجب أن يكون رقيباً على وقته كيف يمضيه.

#6 حكم الدراسة والمذاكرة في وقت العمل

يقوم بعض الموظفين بتطوير نفسهم وإكمال تعليمهم في الدراساتٍ العليا بالتزامن مع وظائفهم، ولربما وجد الموظف نفسه متفرغاً لبعض الوقت فاستغله في دراسة ما عليه من محاضرات ودروس، وهذا لا يجوز.

يجب على العامل أن يصرف وقت العمل فيما تعاقد مع صاحبه عليه في البداية، دون زيادة ولا نقصان، فساعات العمل التي يقضيها الموظف في مكتبه هي ملكٌ لجهة العمل، ولا يجب الدراسة فيها إلا في حالة واحدة وهي استئذان صاحب العمل، وأخذ الموافقة منه.

#7 حكم النوم في وقت العمل

يعمل البعض في وظائف متواضعة، بحيث لا يكفي الراتب الشهري الذي يتقاضاه العامل على سد احتياجاته الأساسية، فيضطر للنوم في وقت العمل من أجل العمل في وظيفة أخرى لزيادة الدخل.

وهذا لا يجوز إذ يضيع النوم الواجب الذي كُلف به العامل، كما أن في هذا إضاعةً للأمانة، بل إن الأجر الذي يحصل العامل عليه رغم انشغاله بالنوم وعدم تأدية ما عليه هو مال حرام، لأنه أخذ مالاً من الغير بغير مقابل، ومن دون رضاهم.

ولا يعتبر عدم كفاية الراتب مبرراً ليتلاعب العامل بساعات العمل بهذه الطريقة، فيبيح لنفسه النوم من أجل إتقان عملٍ آخر، ففي هذا تفريطٌ في الواجب الموكل إليه.

#8 حكم الاستراحة في وقت العمل

يعمل البعض في وظائف يومية، أي يتم تقاضي الأجر عليها بنظام المياومة، مثل عاملٍ في مصنع ما على سبيل المثال، وتكون هذه الأعمال متعبةً بطبيعتها مما يجعل العامل يرتاح قليلاً بين الفينة والأخرى، فيضع وقتاً للاستراحة بحسب عمله وتعبه.

الحكم في ذلك أنه لا يجوز للعامل الاستراحة إلا بنصٍ من صاحب العمل (كتابة)، أو بإذنٍ عرفي (شفهي)، بحيث يكون العامل قد أبرأ ذمته وأطلع صاحب العمل على حاجته لأوقات استراحة محددة وفقاً لجدولٍ واضح.

ذلك بالإضافة إلى إبلاغ المدير المسؤول عن الوقت الذي يحتاجه العامل لغير العمل للضرورة، مثل الحاجة إلى الأكل والشرب، وقضاء الحاجة.

#9 حكم الصلاة في وقت العمل

تُعتبر الصلاة فريضة على المسلمين كافة، لا تسقط عن أحدهم إلا بعذرٍ شرعي، وقد يختلط أمر أدائها على بعض الموظفين، من حيث فترتها، ومدتها، وما إذا كان من الجائز أن يؤديها العامل ثم يجلس منتظراً زملاءه للانتهاء من تأديتها لمتابعة العمل.

يُنظر إلى ذلك الوقت الذي يقضيه العامل بعد الصلاة بأنه إضاعة للوقت، فهو حرام إذاً، فإذا انتهى العامل من صلاته، عليه استكمال العمل، وليلتحق به زملاؤه بعد الانتهاء من صلاتهم، وإلا فإنه يجب الاستئذان من صاحب العمل.

اقرأ ايضاً: طريقة حساب الاوفر تايم في الكويت

كيف يمكن تطبيق مفاهيم وقت العمل في الإسلام في العصر الحديث

في ظل التطورات السريعة والبيئة المهنية المتغيرة باستمرار، أصبح تتبع وقت العمل ضرورة معقدة تواجهها الشركات والأفراد على حد سواء. إذ إن الالتزام بساعات العمل كما هي دون غشٍ أو تلاعب أصبح تحدياً كبيراً بالنسبة للموظفين.

من واجب العامل أن يتقيد بساعات الدوام، والحضور والانصراف في الأوقات المسموحة له حسب قانون العمل، من منطلق وازعٍ ديني ومخافة من الله عز وجل، فيكون الموظف قدوةً لغيره في ذلك، حتى ولو كان ملتزماً في وقت العمل لوحده.

وفي العصر الحديث العديد من الأساليب المتقدمة التي تساعد أصحاب العمل والموظفين على الالتزام بوقت العمل بشكل جيد، ومنها برامج تتبع الوقت، التي تتضمن ميزات عديدة فعالة مثل تسجيل الحضور والانصراف، والاستراحة، والإجازات وغيرها، ومن الأمثلة عليها برنامج جِبل.

تضمن تلك البرامج درجةً عالية من الشفافية بحيث يمكن معرفة الطريقة التي يدير بها الموظف وقته، والمشاريع والمهام التي يعمل عليها في الوقت الراهن، كما تضمن الشفافية التفاعل المباشر مع الموظفين، ومتابعة الوقت الذي يمضونه في الصلاة والراحة، أو قراءة الكتب مثلاً.

تحل برامج تتبع الوقت مشكلة العمل عن بعد أيضاً، خاصة بعد توجه العديد من الشركات إلى اعتماد شكل العمل ذاك بشكل كبير بين الموظفين، فقد يختار موظف ما العمل ليلاً على مشروع معين، وهنا تبرز برامج تتبع الوقت كحلٍ مثالي يضمن تتبع وقت الموظف عن بعد بدقة عالية.

بالإضافة إلى كفاءة برامج تتبع الوقت في معالجة الفروقات الزمنية بين الموظفين في الشركات الكبيرة، والتي تواجه تحدياً لوجستياً في تنسيق ساعات العمل، وهو ما يضمن مراعاةً منصفة للثقافات المختلفة حول العالم.

خاتمة

أولى الإسلام أهمية كبيرة لتنظيم وقت العمل وجعله جزءًا من العبادة والمسؤولية تجاه الله والمجتمع. فالعمل في الإسلام ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل هو واجب ديني يهدف إلى تحقيق التوازن بين احتياجات الفرد المادية والروحية. 

كما حث الإسلام على استغلال الوقت بفعالية ومنح الحقوق لأصحاب العمل والعمال على حد سواء، والاستفادة من الطرق والأساليب التي تساعد على تحقيق هذا الهدف بفعالية وشفافية كبيرة.