تُعد مراقبة الموظفين أمرًا حساسًا يحتاج لتحقيق توازن دقيق بين الحاجة إلى ضمان الكفاءة والإنتاجية في مكان العمل وحماية حقوق الخصوصية للموظفين في نفس الوقت. تشهد مسألة مراقبة الموظفين في الإمارات تطورات مستمرة مع تزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة في بيئة العمل.
على الرغم من عدم وجود تشريعات محددة تُنظِّم مراقبة الموظفين في الإمارات، ألا أن هناك عدة قوانين يمكن تطبيقها على بيئة العمل والتي تضمن امتثال الشركات للقوانين الموضوعة في الدولة حيال المراقبة.
في هذا المقال، سنناقش تلك القوانين والمعايير لتحصل على فهم شامل حول مراقبة الموظفين في الإمارات.
في هذا المقال:
- لمحة عامة عن مراقبة الموظفين في الإمارات
- هل من القانوني مراقبة الهواتف المحمولة للموظفين في الإمارات؟
- هل من القانوني تركيب كاميرات مراقبة في مكان العمل في الإمارات؟
- هل من القانوني مراقبة الرسائل الخاصة بالبريد الإلكتروني للموظفين في الإمارات؟
- هل من القانوني مراقبة الأجهزة الخاصة بالموظفين في الإمارات؟
- عقوبة التجسس على الموظفين في الإمارات
لمحة عامة عن مراقبة الموظفين في الإمارات
تختلف طرق مراقبة الموظفين في الإمارات، حيث يُطبِّق أصحاب العمل الكثير من الطرق ليضمنوا إتمام العمل على أكمل وجه ورفع إنتاجية موظفيهم. من بعض الطرق التي يستخدمها أصحاب العمل: مراقبة الهواتف المحمولة، وتركيب كاميرات مراقبة، ومراقبة الرسائل الإلكترونية، ومراقبة الأجهزة.
بالرغم من عدم وجود قوانين واضحة تُحدِّد ما إذا كانت مراقبة الموظفين في الإمارات جائزة أم لا، فإنه توجد العديد من القوانين التي تُنظِّم عمليات المراقبة وجمع البيانات بمختلف الطرق. حيث تضم هذه التشريعات قانون حماية البيانات الشخصية في الإمارات، وقانون تنظيم الاتصالات الإماراتي، والدستور الإماراتي.
هل من القانوني مراقبة الهواتف المحمولة للموظفين في الإمارات؟
تنص المادة 31 من الدستور الإماراتي على حق الأشخاص المقيمين في الإمارات في حرية المراسلة عن طريق البريد، أو التلغراف، أو أي وسيلة أخرى للاتصال.
إن التجسس، أو التسجيل، أو النقل عن طريق أي جهاز للمحادثات الخاصة أو التي تتم عبر الهاتف أو أي جهاز آخر، دون الحصول على موافقة الشخص، يُعد جريمة يُعاقَب عليها حسب المادة 431 من قانون العقوبات الإماراتي. كما يُعاقَب أيضًا على التجسس على المكالمات الهاتفية دون الحصول على موافقة صريحة بموجب المادة 433 من نفس القانون.
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون حماية البيانات الشخصية الإماراتي (PDPL) على وجوب جمع البيانات الشخصية لأغراض واضحة ومحددة فقط، وعدم جواز معالجتها في أي وقت لاحق بطريقة لا تتوافق مع ذلك الغرض.
تختلف أغراض مراقبة المكالمات الهاتفية في كل مؤسسة، حيث يعتمد ذلك بشكل كبير على طبيعة أنشطتها التجارية. ولذلك، فقد استخلصنا مما سبق أن مراقبة الهواتف المحمولة للموظفين تكون مقبولة فقط عند الحصول على إذن أصحابها وشرح الأغراض من مراقبة البيانات وجمعها بشكلٍ واضح لهم.
هل من القانوني تركيب كاميرات مراقبة في مكان العمل في الإمارات؟
كما ذكرنا سابقًا بخصوص قواعد مراقبة الهواتف، يمكن تطبيق المادة 31 من الدستور الإماراتي والمادة 431 من قانون العقوبات الإماراتي على تركيب كاميرات مراقبة في مكان العمل في الإمارات أيضًا، بالإضافة إلى الأحكام الواردة في قانون حماية البيانات الشخصية الإماراتي. علاوةً على ذلك، على الرغم من عدم وجود تشريع محدد يحكم تركيب كاميرات مراقبة في الإمارات، ألا أن هناك قوانين صدرت عن الإمارات المختلفة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة تتعلق بهذا الأمر.
قد ألزمت الدولة بعض الهيئات العامة والخاصة بتركيب كاميرات المراقبة فعليًا، ولذلك فإن الأمر مسموح بشكلٍ عام في بعض الأماكن في أبوظبي مثل:
- الفنادق، والشقق المفروشة، وأماكن المبيت المؤقت.
- مراكز التسوق، والملاهي، والنوادي.
- محلات الذهب والمجوهرات.
- البنوك، ومكاتب الصرافة، والمؤسسات المالية والنقدية.
- المستودعات، ومخازن المواد القيِّمة والخطرة.
- محطات الوقود.
- المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية.
- النوادي الرياضية.
- المباني التجارية ومدن الإقامة العمالية.
- المدارس، والجامعات، والمعاهد العامة والخاصة.
- الموانئ، والمطارات، ومنافذ الدخول البرية.
أما بالنسبة لدبي، فإن المادة 3 من القانون التشريعي بشأن مقدمِّي الخدمات الأمنية تلزم مقدمي خدمات الأمن مثل خدمات تركيب كاميرات مراقبة، والتي سيتم استخدامها للإشراف، والمراقبة، والتسجيل، أو الإنذار، بالحصول على الموافقة المسبقة من إدارة أنظمة الحماية في دبي.
كما توضِّح العديد من الهيئات الحكومية في الدولة مثل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي الشروط والإجراءات المعينة التي تُطبقِّها عند تركيب كاميرات مراقبة مثل:
- وجوب الاحتفاظ بتسجيلات كاميرات المراقبة لمدة تسعين يومًا كحد أدنى. وإن طلبت الشرطة أو السلطات المختصة الأخرى للإمارة المعنية أكثر من تسعين يومًا من الاحتفاظ بسجلات كاميرات الرماقبة، فيجب على الشخص المُرخَّص له الامتثال لهذه المتطلبات.
- وجوب فحص نظام كاميرات المراقبة يوميًا للتأكد من تسجيله بشكل صحيح قبل ساعات العمل ووقت انتهائها، ويجب تسجيل نتائج هذه الفحوصات في سجل منفصل.
هل من القانوني مراقبة الرسائل الخاصة بالبريد الإلكتروني للموظفين في الإمارات؟
يمكن تطبيق نفس التشريعات والأحكام التي ذكرناها سابقًا بخصوص قواعد تسجيل المحادثات الهاتفية أعلاه على مراقبة رسائل البريد الإلكتروني للموظفين. وهذا يعني أنه إذا كانت رسائل البريد الإلكتروني تضم معلومات شخصية للموظفين، فإن مراقبتها ستكون انتهاكًا لحقوقهم في الخصوصية و يتعين على صاحب العمل مواجهة العقوبات الجنائية اللازمة -إن لم يحصل على إذنهم بخصوص هذه المراقبة-.
ومع ذلك، إذا كانت رسائل البريد الإلكتروني التي تتم مراقبتها يتم تبادلها لغرض العمل، فستُعتبَر ملكًا لصاحب العمل، وحيث يمكن لأصحاب العمل الاحتفاظ بالحق في الوصول إلى أي ممتلكات عمل ومراقبتها، مثل رسائل البريد الإلكتروني والأجهزة الإلكترونية وما إلى ذلك.
هل من القانوني مراقبة الأجهزة الخاصة بالموظفين في الإمارات؟
كما ذكرنا سابقًا، يمكن تطبيق نفس قواعد مراقبة الرسائل الإلكترونية على الأجهزة الخاصة بالموظفين. حيث يحظر القانون التجسس على المحادثات الخاصة، أو الهاتفية، أو أي اتصالات أخرى، وتسجيلها، ونقلها بواسطة أي جهاز دون موافقة الشخص.
كما تنص المادة الخامسة من قانون حماية البيانات الشخصية على ضرورة تحديد الغرض من جمع البيانات الشخصية وعدم استخدامها لأي غرض آخر.
عقوبة التجسس على الموظفين في الإمارات
لا توجد عقوبات معيَّنة بخصوص التجسس على الموظفين في الإمارات، ومع ذلك توجد عقوبات خاصة لانتهاك بعض التشريعات التي قد تُطبَّق على مراقبة الموظفين في الإمارات.
عقوبات قانون العقوبات الإماراتي
حيث تنص المادة 431 من قانون العقوبات الإماراتي على معاقبة أي شخص بالحبس والغرامة إذا قام بانتهاك حق أي فرد في الخصوصية عند ارتكاب أي من الأفعال التالية:
- عند التجسس، أو التسجيل، أو النقل، عن طريق جهاز من أي نوع، للمحادثات الخاصة أو عبر الهاتف أو أي جهاز آخر.
- عند التقاط أو نقل صور لأي شخص في مكان خاص.
كما تعاقب المادة 434 من قانون العقوبات الإماراتي أي شخص بغرامة تزيد عن 3000 درهم إماراتي عند التجسس على الهاتف.
عقوبات قانون مكافحة الجرائم الالكترونية الإماراتي
تنص المادة 13 من قانون مكافحة الجرائم الالكترونية الإماراتي على معاقبة الشخص بالحبس و/أو بغرامة لا تقل عن 50,000 درهم إماراتي ولا تتجاوز 500,000 درهم إماراتي عند استخدم تكنولوجيا المعلومات لجمع أو الاحتفاظ ببيانات شخصية لأي مواطن أو مقيم في دولة الإمارات أو معالجتها بطريقة تنتهك القانون.
تنص المادة 44 من قانون مكافحة الجرائم الالكترونية الإماراتي على معاقبة الشخص بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر و/أو بغرامة لا تقل عن 150,000 درهم إماراتي ولا تتجاوز 500,000 درهم إماراتي من يستخدم تكنولوجيا المعلومات لانتهاك خصوصية شخص ما، أو حياته الخاصة، أو العائلية دون الحصول على موافقته بطرق مثل:
- التجسس، أو الاعتراض، أو التسجيل، أو الاتصال، أو النقل، أو الكشف عن المحادثات أو الاتصالات أو المواد الصوتية أو المرئية.
- نشر الأخبار، أو الصور الإلكترونية، أو الصور الفوتوغرافية، أو اللقطات، أو التعليقات، أو البيانات، أو المعلومات، حتى لو كانت صحيحة، لإلحاق الضرر بهذا الشخص.
- تتبع أو رصد بيانات المواقع الجغرافية وإرسالها لأطراف ثالثة.
عقوبات قانون الاتصالات الإماراتي
تنص الفقرة الثانية من المادة 72 من قانون الاتصالات الإماراتي على أن التجسس على محتوى محادثات الهاتف دون الحصول على تصريح مُسبق من السلطات القضائية المختصة يُعاقَب عليه بالحبس و/أو الغرامة.
كما تنص الفقرة الثالثة من المادة 72 من قانون الاتصالات الإماراتي على معاقبة الشخص بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة واحدة، و/أو بغرامة لا تزيد عن 50,000 درهم إماراتي لاستغلال أو استخدام خدمات الاتصالات لإلحاق الضرر، أو إزعاج، أو إيذاء مشاعر الأشخاص، أو لأي غرض غير قانوني آخر.
الختام
في النهاية، تُشكِّل مسألة مراقبة الموظفين في الإمارات تحديًا يحتاج لتحقيق توازن دقيق بين الحاجة لضمان الكفاءة والإنتاجية في مكان العمل وحماية حقوق الخصوصية للموظفين في الوقت نفسه. على الرغم من أن الإطار القانوني الإماراتي يوفر أساسًا قويًا لحماية الخصوصية، إلا أن التطبيقات المحددة لمراقبة الموظفين لم تُحدَّد بعد.
ومع ذلك، من الضروري لكل من أصحاب العمل والموظفين التعامل مع هذا المشهد القانوني بحذر واتباع القوانين التي يمكن تطبيقها على بيئة العمل وأن تكون أنشطة المراقبة مبررة وتتوافق مع القوانين القائمة.
ومن ناحية أخرى، على الموظفين أن يكونوا على دراية بحقوقهم والعواقب المحتملة لمخالفة المراقبة في مكان العمل.
ملاحظة تحذيرية هامة
إن هذا المحتوى مُقدَّم لأغراض تثقيفية فقط. بينما نبذل قصارى جهدنا لضمان دقة المعلومات المُقدَّمَة، إلا أنه لا يمكننا ضمان خلوها من الأخطاء أو السهو. لذا يُنصح المستخدمون بالتحقق بشكل مستقل من أي معلومات مهمة وعدم الاعتماد على المحتوى المقدم وحسب.