في هذا المقال:
الوقت في الإسلام
يُعتبر الوقت نعمة من نعم الله عز وجل على عباده، والتي يجب على المسلم أن يستشعر أهميتها في حياته، ولا أدل على ذلك من أن الله تعالى أقسم بالوقت في العديد من المواضع والآيات القرآنية في كتابه العزيز إذ قال:
قال الله تعالى: (وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) سورة الضحى: 1
قال الله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) سورة العصر: 1-2
قال الله تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) سورة الفجر: 1-2
خلق الله الإنس والجن لعبادته وإعمار الأرض، لذا يجب على المسلم إدارة وقته وتنظيمه بحيث يقدّم ما ينفعه على ما قد يضره، وأن يحدد أولوياته بعناية. فالعمر قصير، وسيُسأل الإنسان عن وقته وعمره كيف أمضاه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ) – حسن صحيح.
اقرأ أيضاً: وقت العمل في الإسلام
الإنتاجية في الإسلام
ترتبط الإنتاجية ارتباطاً وثيقاً بالوقت في الإسلام، فالإنتاجية من الإنتاج، وتعني استخدام القدرات التي أودعها الله في الإنسان في معالجة الموارد المادية التي أودعها الله في الأرض، والاستفادة منها لما فيه خير المسلم وصلاحه.
عندما يدير الإنسان وقته بطريقة سليمة، وفق منهجٍ ثابت وشامل فإنه ينجح في عدم إهدار الإمكانيات أو تبديد الطاقات، فتتعزز الإنتاجية على الأرض في صورة مشروعات تنموية كبيرة، تنعكس على الاقتصاد العام للدولة في مختلف المجالات والقطاعات.
يتعمق فهم المسلم للعلاقة بين الوقت والإنتاجية عندما يدرك ثلاثة أسس، وهي:
- الإنسان محاسب على وقته أمام الله عز وجل، إذ سيُسأل يوم القيامة عن الوقت الذي منحه الله إياه في حياته فيمَ استغله؟ وكيف أمضاه؟ وماذا حقق فيه؟. قال صلى الله عليه وسلم : (- اغتنمْ خمسًا قبل خمسٍ شبابَك قبل هرمكَ وصحتَك قبل سَقمِكَ وغناكَ قبل فقرِك وفراغَك قبل شغلِك وحياتَكَ قبل موتِكَ) – حسن.
- الإنسان محدود العمر، بل غالباً ما يوصف عمره بالقصير، وإذا أردنا إلقاء الضوء على ساعات يومه الواحد، فإن هناك وقتاً طويلاً للنوم، وآخر للطعام والراحة، بينما لا تكاد تتجاوز ساعات العمل ثماني ساعات. إن إدراك تلك الحقيقة يجعل الوقت قيماً في عين المسلم ولا شك.
- الإنسان مرآة لإنجازاته، فكلما أدرك أهمية الوقت كثرت إنجازاته الجيدة، وبدا تأثيرها على حياته وحياة من حوله واضحاً وإيجابياً، ويتحقق ذلك من خلال حسن إدارة الوقت وتنظيمه.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح لإدارة الوقت لخبراء العمل الحر
إضاعة الوقت
يسيء العديد من الأشخاص استغلال وقتهم، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة، أبرزها عدم إدراك قيمة الوقت وأهميته، فمتى أدرك الإنسان قيمة الدقيقة بل الثانية الواحدة من عمره، سعى إلى استغلالها لما يفيده في الدنيا والآخرة.
من الأسباب الأخرى لإضاعة الوقت أيضاً مجالسة أصدقاء السوء، الذين يمضون وقتهم في الغيبة والنميمة، وتوافه الأمور، ولا يعرفون طريق مجالس العلم أو المسجد، فهؤلاء باب كبير لإضاعة الوقت بلا طائل.
بالإضافة إلى إمضاء وقتٍ طويل في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تُعتبر آفةً من آفات العصر الحديث، إلى جانب اتباع الإنسان لهواه دون أن يهذب نفسه أو يكبح شهواته، فيفعل ما يحب دون ضوابط أو وقتٍ محدد.
وهناك من يضيع وقته في النوم الطويل فيضيع العبادات والطاعات، وغيره ممن يمضي وقتاً طويلاً في المكالمات الهاتفية واللغو واللهو، وكل ذلك بسبب عدم التخطيط الجدي وإدارة الوقت باعتدال.
حسن استغلال الوقت
يجب أن يُدرك المسلم أن الفراغ عدو الوقت الأول، ففيه مفسدة كبيرة وعظيمة، ولتفادي ذلك عليه السعي لحسن استغلال والوقت والاستفادة منه، وهنا إضاءة على ذلك:
- يجب أن يضع المسلم نصب عينيه أن إضاعة الوقت هي من أشد الوسائل التي تقطع حبل الوصل بينه وبين الله عز وجل، والدار الآخرة، وقد قال ابن القيم في هذا : (إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله، والفوز في الدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا، وأهلها).
- يجب أن يدرك المسلم أنه المسؤول الأول والأخير عن وقته أمام الله عز وجل، وأنه سيقف يوماً بين يديه لييبين كيف استثمر الوقت الذي منحه الله إياه.
- يجب على المسلم أن يتعلم ما يسمى بفقه الأولويات، فيرتب أمور حياته بناءً على أهميتها، وبهذا سيبدأ بإنجاز الكثير في حياته، من الاعمال الدنيوية والآخروية.
- يجب أن يحرص المسلم على الانتباه لنوعية الأصدقاء والأشخاص الذين يقضي معهم وقته، فإذا شعر أن مجالستهم لا تعود عليه بغير السوء وقلة العمل ابتعد عنهم.
- يجب على المسلم أن يملأ نفسه ويشغل نفسه بصور الإحسان الكثيرة، ومنها صلة الرحم، وبر الوالدين، وزيارة المريض، والمحافظة على الصلوات، والتعلم، وحضور حلقات العلم، ومساعدة المحتاجين، والتصدق وغيرها.
- يمكن استخدام أدوات تنظيم الوقت الحديثة، التي تساعد على جدولة المهام وحساب ساعات العمل بدقة كبيرة، ومنها برنامج تتبع الوقت جِبل.
خاتمة
العاقل هو من أحسن استغلال يومه ووقته، وتذكر ما مضى من ساعات عمره في اللهو واللعب، فاتخذ قراراً صارماً بأن يبدأ في استثمار الوقت بكل ما يرضي الله عز وجل ويقربه منه.
كما قرأنا في المقال، فإن العلاقة طردية بين الإنتاجية وحسن استغلال الوقت، فكلما أدرك الشخص أنه محاسب على وقته، ومستأمنٌ عليه، سعى إلى العمل، وبالتالي زادت الإنتاجية والإنجازات، وكلما قل علمه وادراكه لعِظم الحساب أضاع وقته بلا طائل ولا جدوى.