أخلاقيات برنامج تتبع الوقت

2025

نظرة عامة

تُستخدم برامج تتبع الوقت على نطاق واسع في العديد من المجالات والقطاعات، لكن مسألة آثارها الأخلاقية تظل موضوعًا للنقاش. فمن ناحية، يمكن اعتبار برامج تتبع الوقت وسيلة عادلة وشفافة لضمان تعويض الموظفين عن ساعات عملهم. ويمكنها أيضاً مساعدة المديرين وأصحاب الأعمال على تحديد مجالات التحسين وتطوير سير العمل.

تتبع الوقت

في هذا المقال:

تتبع الوقت

ميزات برنامج تتبع الوقت التي تنتهك خصوصية المستخدم

على الرغم من الفوائد العديدة لبرامج تتبع الوقت إلا أن لها جانباً سلبياً آخر مع وجود مجموعة من الميزات التي تنتهك خصوصية المستخدم، وهي:

  • ميزة تتبع الموقع الجغرافي دون مبرر: تقوم برامج تتبع الوقت بمتابعة وتتبع الموقع الجغرافي للعاملين باستخدام نظام (GPS) حتى خارج ساعات العمل، دون وجود حاجة واضحة ومبررة لجمع هذه البيانات، ويعد هذا انتهاكاً للموظف خاصة إذا كان موقع العامل غير مرتبط بمتطلبات العمل، مثل عمال توصيل الطلبات والمهندسين في المواقع الميدانية وغيرهم.
  •  ميزة تسجيل الشاشة: تسمح برامج تتبع الوقت بالتقاط صورة لأجهزة الموظفين أثناء العمل، وذلك غير ضروري في الكثير من الحالات، إذ يُعتبر بمثابة تطفل صارخ خاصة إذا أُستخدمت الميزة دون علم الموظف أوخارج ساعات العمل.
  • ميزة التسجيل عبر الأوامر الصوتية: على الرغم من أن هذه الميزة نادرة الاستخدام، وغير شائعة في الكثير من برامج تتبع الوقت، إلا أننا يجب أن نذكر أن بعض البرامج قد تستخدم الأوامر الصوتية لتسجيل الخروج والدخول للموظفين خلال العمل، وأن الكثير من الشكوك تحوم حول طرق استخدام وتخزين البيانات الخاصة بالموظفين.
  • ميزة تتبع الوقت باستخدام الأجهزة البيومترية: تُعتبر هذه الأجهزة واسعة الاستخدام، ومن أبرز الأمثلة عليها بصمة الاصبع أو تسجيل الحضور بالتعرف على الوجه لتسجيل أوقات الدخول والخروج، وقد يثير هذا النوع من استخدام برامج تتبع الوقت حفيظة الموظفين، حول كيفية تخزين البيانات المتعلقة بهم وطريقة استخدامها، خاصة إذا لم يكن هناك حماية كافية أو تشفير.
  • ميزة مشاركة البيانات مع أطراف ثالثة: تقوم العديد من برامج تتبع الوقت باستخدام بيانات الموظفين واستثمارها في زيادة العملاء والشركاء، وذلك من خلال القيام بإحصاءات حول تفضيلات المستخدمين وتوجهاتهم، يُعد ذلك انتهاكاً لحرية ومعلومات الموظفين دون علمهم.
  • ميزة  تسجيل النشاط على الأجهزة الشخصية: يتم تثبيت برامج تتبع الوقت على أجهزة الموظفين الشخصية (مثل الهواتف أو الحواسيب)، مما يسمح بتسجيل أنشطتهم الرقمية، كالنقرات، والمواقع التي يزورونها، ورسائل البريد الإلكتروني، ووسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن التتبع يكون خلال ساعات العمل فحسب، إلا إنه لا يزال تعدياً لخصوصية المستخدم، وخرقاً للثقة، خاصة إن تم دون علمه.
  • ميزة تتبع النشاط خارج ساعات العمل: قد تسمح هذه البرامج بتسجيل الوقت أو الأنشطة التي يقوم بها الموظف خارج ساعات العمل أو أثناء فترات الاستراحة. يُعد هذا تدخلاً غير مبرر في الحياة الشخصية للموظف.

من المهم أن نذكر أنه، عادةً ما يكون استخدام ميزات برامج تتبع الوقت مشروطاً بموافقة الموظف، وتوفر هذه البرامج مستويات متقدمة من الحماية لتحقيق هذا الهدف.

المخاوف الأخلاقية من استخدام برنامج تتبع الوقت

في حين أن أدوات تتبع الوقت يمكن أن تكون مفيدة للغاية في جوانب متعددة كما عرفنا للتو، إلا أن هناك مخاوف أخلاقية يجب أخذها في الاعتبار. فيما يلي نتناول بعض المخاوف الأخلاقية الرئيسية المتعلقة بأدوات تتبع الوقت:

  • خصوصية الموظف: من المحتمل أن تتعدى أدوات تتبع الوقت على خصوصية الموظف، خاصة إذا كانت تراقب الموظفين خارج ساعات العمل أو تتبع نشاطاتهم الشخصية. يمكن أن يخلق هذا شعوراً بالمراقبة المستمرة، مما قد يضر بمعنويات الموظفين ورفاهيتهم. أما إذا مُنح الموظفون الاستقلالية الكافية فإنهم يُقبلون على العمل بدوافع ذاتية، كالرغبة الإنجاز والعطاء، أو الحصول على ترقية، أو مكافأة نقدية في العمل.
  • إساءة الاستخدام: يمكن إساءة استخدام أدوات تتبع الوقت من قِبل المديرين أو أصحاب العمل، الذين يتتبعون التفاصيل الدقيقة للموظفين، ويقومون بمعاقبة أولئك الذين لا يحققون أهداف الإنتاجية بشكل غير عادل. وهذا يمكن أن يخلق بيئة عمل سامة ويؤدي إلى ارتفاع معدلات دوران الموظفين.
  • الإدارة التفصيلية: تُعرف كذلك بالإدارة الجزئية وهي شكل من أشكال الإدارة التي يراقب بها المدير مرؤوسيه، ويمكن أن تكون برامج تتبع الوقت أحد الطرق التي يستخدمها المدراء للقيام بذلك، وتتبع كل نشاط صغير أو كبير يصدر عن الموظف. يوحي ذلك بتشكيك المدير بقدرات الموظفين وولائهم، مما ينزع الثقة والشعور بالراحة في العمل لديهم.
  • الدقة: لا يمكن الجزم بأن أدوات تتبع الوقت دقيقة دائماً، مما قد يؤدي إلى تناقضات في الأجور وخلق عدم الثقة بين الموظفين وأصحاب العمل. يمكن أن يؤدي هذا أيضاً إلى مشكلات قانونية إذا شعر الموظفون أنهم لم يحصلوا على تعويض عادل عن وقتهم. واحدة من أكبر الثغرات التي تعاني منها برامج تتبع الوقت هي أنها تقيس المدخلات لا المخرجات، فقد تقيس سرعة طباعة ورقة ما على الحاسوب، ولكنها لا تُظهر كمية الأخطاء فيها أو سوء المحتوى. لهذا يجد العديد من الموظفين أنها غير مناسبة لتقييم كفاءتهم.
  • التلاعب والغش: يُشبِه الكثير من الموظفين برامج وأدوات تتبع الوقت بالألعاب الإلكترونية، إذ يسهل التلاعب بها. بعد فترة من الاستخدام سيتمكن بعض الموظفين من العثور على الطرق الخفية لكسر النظام وإضافة دقائق وهمية هنا وهناك، وتغذية النظام بالمعلومات التي تناسبهم. يُنتج ذلك الكثير من الوقت المهدور دون إنجازٍ يُذكر، إلى جانب الإضرار بالثقة بين الطرفين في العمل.
  • المخاطر الصحية: تُبَرمَجُ أدوات تتبع الوقت على تسجيل وقت عمل الموظفين لا غير، مما يعني أنها ستتعامل مع الموظف غير الموجود على مكتبه بسلبية. يخلق ذلك شعوراً بضرورة العمل لساعاتٍ طويلة لدى الموظفين مما يولد الكثير من المخاوف الصحية. حيث أن برامج تتبع وقت العمل ليست مصممة لتفهم حاجة الموظف لقسط من الراحة للعينين، والظهر، والساقين، إلى جانب الشعور بالإرهاق والإجهاد المستمر، وكأن الموظف في ماراثون مستمر حتى نهاية ساعات العمل.

اقرأ أيضاً: هل استخدام أجهزة تتبع الوقت على سطح المكتب قانوني؟

هل تُعتبر برامج تتبع الوقت أخلاقية أم لا؟

تُعد برامج تتبع الوقت أداةً مفيدة لتحسين الإنتاجية، وإدارة الوقت، وإصدار الفواتير بدقة، وتخصيص الموارد بشكل أفضل، وتتبع الحضور المجاني وغيرها. ومع ذلك، فإن استخدامها يثير تساؤلات وتحفظات أخلاقية تتعلق بالخصوصية، والثقة، والاستقلالية.

ويمكننا حسم الجدل والإجابة عن ذلك السؤال حول ما إذا كانت برامج تتبع الوقت أخلاقيةً أم لا؛ بأنه إذا أُسيء استخدام هذه الأدوات أو فُرضت دون شفافية وموافقة الموظفين، فإنها قد تضر بثقافة الشركة وتُضعف العلاقة بين الإدارة والموظفين. يتطلب الاستخدام الأخلاقي لهذه البرامج توفير إرشادات واضحة وشفافية تامة حول الغرض من التتبع وآلية عمله.

إذ تكمن القضية الأخلاقية الأبرز في الثقة، فإذا كان الموظف يُظهر التزاماً ويحقق الأهداف المطلوبة منه، فلا مبرر لفرض رقابة دقيقة عليه. في المقابل، إذا استغل الموظف الثقة وسجل ساعات عمل غير دقيقة، فإن ذلك يُعتبر غير أخلاقياً البتة ويمكن هنا استخدام البرامج لحفظ حقوق أصحاب العمل، ولكن ضمن المسموح فقط.

من المهم أن نذكر أيضاً أن استخدام هذه البرامج بشكل أخلاقي مرتبط بدقتها في التمييز بين العمل والاستخدام الشخصي، مع مراعاة خصوصية الموظفين، فعلى أصحاب العمل توجيه استخدامها نحو تعزيز الكفاءة، وتحقيق التوازن بين رقابة العمل من جهة واحترام الخصوصية من جهة أخرى لضمان وجود بيئة عمل عادلة ومنتجة.

تتبع الوقت

كيفية اختيار برنامج أخلاقي لتتبع الوقت

بعد التعرف على أهمية الجانب الأخلاقي في برامج تتبع الوقت وتأثيره الكبير الاستخدامات، فإن المستخدم سيفكر كثيراً قبل اختيار البرنامج في منشأته، ومع وجود الكثير من الخيارات فإن هناك مجموعة من المعايير التي تساعد في تسهيل القرار. فيما يلي نساعدك في ذلك:

  • تحديد أولويات الممارسات الأخلاقية: عند اختيار برامج تتبع الوقت، يُنصح بالبحث عن حلول تتوافق مع المبادئ الأخلاقية من حيث التصميم والوظائف. تشمل هذه الممارسات احترام حقوق الموظفين واستقلاليتهم، وتعزيز مبدأ العدالة والشفافية، وتجنب الأساليب التي تنطوي على مراقبة تدخّلية.
  • الحصول على موافقة الموظفين: يحرص المدراء الذين يتبعون سياسة برامج الوقت الأخلاقية على تقديم شرحٍ مفصل لطريقة عمل تلك البرامج، ومن ثم الحصول على موافقة الموظفين التامة حول تتبع ساعات وأوقات عملهم بهدف حساب الأجور، ومكافأة المتميزين في العمل، ومحاسبة المقصرين لا غير.
  • التخزين الآمن للبيانات: ينبغي التأكد من أن برامج تتبع الوقت تعتمد أفضل ممارسات الصناعة في إدارة البيانات، مثل إجراء عمليات تدقيق منتظمة للنظام، والتحقق المستمر من سلامة البيانات، ووضع خطط متينة للتعافي من الكوارث. يساهم هذا النهج الاحترافي في منع فقدان البيانات أو الوصول غير المصرح به إليها أو تعرّضها للانتهاك عن طريق الخطأ.
  • التركيز على الخصوصية: من الضروري أن تتضمن هذه البرامج ميزات وممارسات تعزز حماية الخصوصية، مثل إخفاء هوية الموظف، وضمان التشفير القوي أثناء عملية نقل البيانات وتخزينها، بالإضافة إلى تطبيق ضوابط وصول صارمة تضمن حصر الاطلاع على البيانات بالأفراد المصرح لهم فقط.
  • التكامل مع البرامج الأخرى: يساعد التكامل في برامج تتبع الوقت على تقليل الحاجة إلى الوصول المتكرر للبرنامج أو مشاركة المعلومات الحساسة، بالإضافة إلى تطبيق ضوابط وصول موحدة بين جميع البرامج المستخدمة.
  • الامتثال القانوني: يجب أن تتبع برامج تسهيل الوقت بأسس الالتزام بلوائح الخصوصية  والامتثال للقانون، من خلال ضمان أن جميع البيانات تُعالج وفقاً لأعلى المعايير المتعلقة بالأمان، ولهذا تُصدر الدول قوانين خاصة بذلك مثل دليل فوائد الامتثال القانوني في السعودية.

تسهل تلك المعايير عملية اختيار برنامج تتبع وقت أخلاقي يحترم الموظفين ويضمن حقوقهم في الوقت نفسه، ومن الأمثلة عليها برنامج تتبع الوقت جِبل الذي يقدم ميزات مهمة تراعي خصوصية وأمن البيانات مع الحفاظ على الدقة في الوقت نفسه.

أهمية الشفافية والتوافق في تحديد أخلاقية برامج تتبع الوقت

تُعتبر كل من الشفافية والتوافق عنصرين أساسيين لضمان أخلاقية برامج تتبع الوقت وتعزيز الثقة بين الإدارة والموظفين، إذ تساهم الشفافية في بناء بيئة عمل قائمة على الوضوح والاحترام من خلال إبلاغ الموظفين بشكل صريح عن أهداف استخدام البرنامج، ونوعية البيانات التي يتم جمعها، وكيفية استخدامها. عندما يتم توضيح سياسات التتبع وآليات مراقبة الوقت بشكل شامل، يشعر الموظفون بالأمان والاطمئنان بدلاً من الشعور بالرقابة المفرطة.

كما أن الشفافية تسهم في منع الشكوك وسوء الفهم الذي قد ينشأ عند إدخال أدوات تتبع جديدة، مما يعزز القبول الطوعي للبرنامج ويحقق توازناً بين الإنتاجية وحقوق الأفراد. أما التوافق مع المعايير الأخلاقية والقانونية، فهو ضرورة لضمان الاستخدام المسؤول للبيانات وحماية خصوصية الموظفين. يجب أن تتوافق برامج تتبع الوقت وبرامج تسجيل الحضور مع القوانين واللوائح المتعلقة بالخصوصية، لضمان جمع ومعالجة البيانات وفق معايير واضحة وعادلة.

يتضمن ذلك احترام حقوق الموظفين في الوصول إلى بياناتهم ومراجعتها، إلى جانب الحصول على موافقتهم المسبقة عند إدخال البرنامج. يعزز ذلك الالتزام من المصداقية، ويمنع أي إساءة استخدام للبيانات المتعقبة، مما يضمن أن عملية التتبع تهدف حقاً إلى تحسين الإنتاجية وتطوير الأداء دون انتهاك الحقوق الأساسية للأفراد.

  اقرأ أيضاً: أفضل 10 ممارسات لتتبع الوقت للمحامين

 خاتمة

يُعد تحديد ما إذا كان تتبع الوقت أخلاقياً أم لا مسألة تعتمد على طريقة التنفيذ. يمكن لهذه الأدوات أن تكون مفيدة لتحسين الإنتاجية وإدارة الوقت إذا تم استخدامها بشكل عادل وشفاف. في المقابل، فإن إساءة استخدامها قد تؤدي إلى تدهور بيئة العمل وزعزعة الثقة بين الموظفين والإدارة.

من المهم أن يسعى أصحاب العمل إلى تطبيق هذه الأدوات بطريقة توازن بين حقوق الموظفين ومتطلبات العمل، مع التركيز على الشفافية والاحترام من أجل خلق بيئة عمل عادلة ومنتجة.